للابتعاد عن المفهوم الخاطئ السائد بأن الطبيب الأجنبي أفضل من البحريني
إصابة الرباط الصليبي.. نهاية لمشوار الرياضي أم عودة ممكنة؟
العلوي: بعض اللاعبين يقطعون مسافات لقناعتهم باختصاصي علاج طبيعي
الريس: الطبيب الرياضي النفسي يسهم في العودة الناجحة للاعب
البعض يعتقد بأفضلية الطبيب الأجنبي على المواطن
جراحون يفرضون على اللاعبين.. والنتيجة فشل العملية
فنيات اللاعب ولياقته البدنية ترجح نسبة النجاح
نصيحة للاعبين: اختاروا الطبيب والاختصاصي الأفضل
تعد إصابة الرباط الصليبي من الإصابات الخطيرة والقوية والشائعة كثيرًا في الملاعب ولدى أوساط الرياضيين. ويصنف البعض أنها نهاية لمشوار الرياضي، في وقت ذهبت العديد من الدراسات والآراء الطبية المتقدمة والمستجدة إلى عكس ذلك. واعتمد أصحاب كل رأي على نماذج مختلفة تمت معاينتها وشهدتها الملاعب، إلا أن الوسط الرياضي البحريني مصحوبًا بكوادره الطبية أكدوا عبر “تحقيق البلاد سبورت” أن عملية الرباط الصليبي باتت آمنة بنسبة كبيرة جدًا، مبددين بذلك المخاوف التي ترتاب الرياضيين، والشكوك التي تساور المنظومة الرياضية من إمكانية عودة اللاعب في هذه اللعبة أو تلك لمستواه المعهود أو للعبته على الأقل.
كفاءة عالية
قال استشاري أول علاج طبيعي وطب رياضي مؤيد العلوي “إن عودة اللاعب المصاب بالرباط الصليبي ممكنة وبكفاءة عالية أيضًا، لكن ذلك مرهون بعوامل عدة”. وأشار العلوي إلى أن الدراسات الحديثة ذهبت إلى أن التأهيل الجيد وحسب الجدول الخاص بالتمارين والإجراءات المتبعة من أغلب جراحي العالم، إضافة إلى مراحل العلاج الطبيعي ما بعد العملية، تشكل خط العودة الناجح للاعب. وبحسب رأيه الشخصي، فإن العلوي يذهب إلى أن نجاح العملية يتوزع على 3 أقسام: 30 % اعتمادًا على نجاح الطبيب الجراح، 20 % اعتمادًا على التزام اللاعب بالتوجيهات، و50 % اعتمادًا على العلاج الطبيعي بعد العملية. وذكر أن الجراح يتطلب منه إجراء العملية بشكل دقيق خصوصًا مع تحديد الموقع الجغرافي “GPS” بشكل دقيق للغاية، الذي قد يسبب الخطأ فيه العديد من الآلام اللاحقة للاعب بعد فترات طويلة، علاوة على التزام اللاعب بالنظام الصحي والرياضي، والتزامه بالتمارين والبرامج من قبل اختصاصيي العلاج الطبيعي.
العلوي صاحب الخبرة الطويلة في العمل مع المنتخبات الوطنية البحرينية، تحدث حول العوامل المؤثرة على نجاح العملية، مبينًا أن عمر المصاب كلما قل كان إيجابيًا بالنسبة لمرحلة إعادة بناء العضل مقارنة بالأعمار المتقدمة التي تحتاج إلى الكثير من الوقت لاستجماع العضلات، علاوة على وزن اللاعب وهو عامل مهم جدًا بالنسبة للفترة بعد 10 أيام وخلال 4 أسابيع، التي تستوجب عدم ملامسة الأرض.
وأشار إلى احتمالية أن يسبب الوزن الزائد ضغطًا على الجهة غير المصابة ثم المصابة. ولفت إلى أن العملية يفضل أن تجرى خلال أول شهر من حدوث الإصابة؛ لأن العضلات لم تفقد قوتها كاملة بعد، الأمر الذي يسهل عملية العلاج فيما بعد، مبينًا أن العملية لا يفضل أن تجرى خلال أول 3 أيام؛ بسبب النزيف الموجود، وأوضح أن أغلب اللاعبين الذين تأخروا في إجراء العملية عانوا من ضعف العضلات التدريجي.
وفيما يخص العامل النفسي، قال العلوي إنه متعلق بمدى تقبل اللاعب وقناعته والتزامه بالبرنامج الصحيح للتمارين، خصوصًا مع ضرورة أداء التمارين قبل الجراحة عبر برنامج تقوية يشرف عليه مختصون؛ للمحافظة على العضلات.
وأضاف “لا بد أن يتقبل اللاعب الطبيب الجراح، إذ في بعض الأحيان يفرض على اللاعبين أسماء معينة من الأطباء، وهم شخصيًا لا يملكون قناعة في الجراح أو حتى في اختصاصي العلاج الطبيعي، وهو ما يسهم في عدم نجاح العملية، ولذلك شاهدت شخصيًا نماذج مختلفة سواء معي أو مع استشاريين آخرين، أن يقوم اللاعب بقطع مسافات طويلة فقط لقناعته بالطبيب المختص”. وبين أن الخوف الذي يزرع في اللاعب بعد الشهر الرابع أو الخامس من العملية مع بدء عملية التأهيل وانطلاق مرحلة الجري هو أمر يؤثر على سلامة اللاعب وعودته، خصوصًا مع بقاء الهاجس لدى بعض اللاعبين من التدخلات الخشنة أو الاحتكاك الخشن، وأشار إلى أن أغلب اللاعبين يجتازون هذه المرحلة بنجاح ويسهم في عودتهم السليمة والناجحة. وقال العلوي إن نزول مستوى اللاعب بعد عملية الرباط الصليبي يعود لسببين: فشل العملية من قبل الطبيب الجراح أو الإجراءات اللاحقة من اختصاصي العلاج الطبيعي عبر مجموعة من المضاعفات التي سيعاني منها، إضافة إلى السبب الثاني العامل النفسي ممثلا في الخوف، إذ إن لاعبين كثيرين رجعوا إلى أداء أفضل مما كانوا عليه بناءً على التزامهم وثقتهم بالبرنامج الطبي.
معدلات كبيرة
من جهته، أشار اختصاصي العلاج الطبيعي وتأهيل الإصابات الرياضية محمد ميرزا الريس إلى أحدث الدراسات العلمية التي رصدت بالأرقام معدلات العودة الناجحة للاعبين لممارسة الرياضة بعد إصابة الرباط الصليبي، والتي بلغت بالنسبة للمحترفين 83 % ولغير المحترفين 67 %، وهي معدلات كبيرة ومرتفعة على حد وصفه.
وقال الريس، وهو من كوادر وزارة الصحة البحرينية، إن عوامل نجاح العملية كثيرة. وأضاف “المستوى الفني والمهاري للاعب في مقدمتها، فكلما كان اللاعب محترفًا ومتمكن فنيًا ومهاريًا كانت نسبة عودته أكبر، علاوة على مستواه اللياقي، إضافة إلى خضوع اللاعب لبرنامج تأهيلي قبل الجراحة يسهم أيضًا في العودة المثالية ونجاح العملية بتقليل فترة العودة بعد إجرائها”. وتابع “لا يمكن تغافل كفاءة مفصل الركبة وعدم وجود إصابات مصاحبة، علاوة على استعداد اللاعب الذهني وثقته بنفسه وعدم خوفه، إضافة إلى التزامه بنوعية علاج يقدمها فريق طبي متكامل سواء من جراح العظام أو اختصاصي العلاج الطبيعي”. وأشار بإيجاز إلى أن بعض الدراسات تحدثت حول تأثير بعض أنواع الأربطة المستخدمة في الجراحة على عودة اللاعب لاحقًا.
وتطرق الريس إلى العامل النفسي فقال: إن دوره كبير جدًا ومهم لجميع الإصابات الرياضية والعمليات الجراحية. وأضاف “العلم الحديث لديه توجه أن يكون من ضمن الفريق الطبي المختص بتأهيل اللاعبين طبيب نفسي رياضي يؤهل اللاعبين بعد الإصابة وبعد العملية ليعودوا كما كانوا مسبقًا”. وأوضح الريس أن الإجراءات النفسية المتعلقة بعودة اللاعب تتضمن مجموعة من اختبارات ومقاييس للجوانب النفسية للاعب وجهوزيته، مشيرًا إلى أن الدراسات وجدت أن العامل الأول فيها الذي يمنع عودة اللاعبين مرتبط بالخوف من عودة الإصابة؛ نظرًا لوجود علاقة وثيقة في هذا الشأن.
وقدم الريس 5 نصائح رئيسة على كل لاعب أن يلتزم بها لعودة ناجحة بعد عملية الرباط الصليبي، هي: الالتزام بمدة تأهيل كافية لا تقل عن 9 أشهر تحت إشراف فريق مختص وبجودة عالية وبرنامج خاص قبل الجراحة، عملية التأهيل والعودة يجب أن تكون تدريجية وغير عشوائية أو فردية أو متخبطة، عدم العجلة في العودة لممارسة الرياضة؛ كون نسبة الإصابة مجددًا مرتفع إذا تعجل في العودة، اجتياز الاختبارات البدنية التخصصية والنفسية للعودة إلى الرياضة، علاوة على المشاركة في برامج تخصصية وقائية بعد التأهيل. وأشار إلى أن العودة المتعجلة تؤثر كثيرًا؛ إذ إن الدراسات بينت أن كل شهر يؤخره اللاعب في العودة لممارسة الرياضة بعد الشهر الثامن من إجراء العملية يسهم في تقليل فرصة التعرض للإصابة بالرباط الصليبي مرة ثانية بنسبة 30 %.
وفيما يخص رده حول انخفاض مستوى اللاعب بعد إجرائه العملية، أوضح الريس أن الدراسات متضاربة في هذا الإطار، وأشار إلى أن مسألة العودة تختلف من لاعب إلى آخر، لكن أداء اللاعبين يبقى متقاربًا حتى لو انخفض مستوى المصاب بالرباط الصليبي.
تطور واحترافية
وقال اختصاصي العلاج الطبيعي بأحد أنديتنا الوطنية (فضل عدم الكشف عن اسمه) إن عملية الرباط الصليبي باتت ناجحة بشكل كبير وبنسبة 90 إلى 100 %، خصوصًا في البحرين مع التطور الطبي واحترافية الأطباء. وأشار إلى أن العديد من النماذج نجحت في اجتياز العملية شريطة اختيار الجراح الصحيح لإجراء العملية، إضافة إلى اختيار اختصاصي العلاج المناسب لعملية التأهيل، علاوة على الالتزام التام بالإجراءات الخاصة بالعلاج، مبينًا أنه لا فرق في إجراء العملية في الجهات الحكومية أو الخاصة، إلا أن العوامل الثلاثة المذكورة تؤثر بشكل كبير على نجاح العملية.
وأضاف “الفترة الأكثر أهمية هي أول شهرين، ومن ثم عملية التأهيل في العلاج الطبيعي، وجميعها مراحل تتطلب من اللاعب الالتزام التام، مع أهمية تفريقنا لإصابة الرباط الصليبي المصحوبة بإصابة الغضروف أو الرباط الجانبي مثلا أو فقط الرباط الصليبي”.
وأكد الاختصاصي أن عوامل العمر والوزن تؤثر أيضًا، إذ تشير الدراسات إلى أن استجابة اللاعب قبل عمر الـ 35 ستكون أكبر، كما أن توجيهاتنا للاعبين بالمحافظة على أوزانهم أو إنقاصها أيضًا قبل إجراء العملية؛ لكي تتم عملية التأهيل بشكل سليم، علاوة على تمارين التقوية قبل العملية التي تسهم في نجاحها.
ولم يغفل الاختصاصي عن دور العامل النفسي، مشيرًا إلى أهميته الكبرى، خصوصًا مع اختصاصي العلاج الطبيعي الذي يقع عليه عمل كبير في تقبل المريض للعلاج بعد العملية، مؤكدًا أن التأثير متبادل بين الطرفين، وأن على الاختصاصي توفير أجواء نفسية إيجابية وعالية للاعب المصاب.
وذهب الاختصاصي إلى القول بأن أغلب العمليات ناجحة، لكن العودة يجب أن تكون تدريجية، مشيرًا إلى أن العديد من اللاعبين نجحوا في العودة وبشكل طبيعي لممارسة رياضتهم، مع الأخذ بالاعتبار تمارين الاختصاص في التأهيل لكل رياضة التي يختلف بعضها عن البعض الآخر.
ومع ذلك كله، وجه الاختصاصي رسالة للاعبين مفادها الابتعاد عن المفهوم الخاطئ السائد لدى البعض بأن الطبيب الأجنبي أفضل من المواطن، مشيرًا إلى أننا نمتلك كفاءات مميزة، ومؤكدًا أنه أشرف على أكثر من 20 لاعبًا نجحوا في العودة للملاعب ولا يشتكون من أي مضاعفات بعد إجراء العملية على أيدي أطباء بحرينيين، وبرنامج تأهيل تحت إشراف اختصاصيي علاج طبيعي بحرينيين أيضًا.