العدد 4789
الأربعاء 24 نوفمبر 2021
عودة كورونا والأوبئة المستقبلية
الأربعاء 24 نوفمبر 2021

مرة أخرى يعاود الفيروس الشائه كوفيد - 19 مهاجمة البشرية، وها هي أرقام الإصابات ترتفع إلى عنان السماء في العديد من الدول حول العالم، شرقا وغربا. ولعل المدهش إلى حد المثير للكثير من علامات الاستفهام، هو كيف يتفشى الفيروس من جديد وسط شعوب تلقت لقاحات متميزة، وحصل الملايين منها على الجرعات المطلوبة، ومع ذلك لم يعد أمامها سوى إعادة إغلاق أوجه الحياة بهدف تقليل حدة الإصابات، كما جرى مع روسيا، والنمسا مؤخرا، وهناك العديد من الدول مرشحة في أوروبا بنوع خاص.
الحقيقة الوحيدة المؤكدة أن أحدا حتى الساعة غير قادر على تحديد الأبعاد الخفية لهذا الفيروس، وكيف أنه لا ينتهي رغم مليارات جرعات اللقاحات التي تم حقن البشر بها؟ أخفقت أجهزة الاستخبارات الغربية، والأميركية في مقدمتها في تحديد الخلفية التي جاء منها الفيروس، وهل هو فيروس مخلق أي مصنع معمليا، ما يمكن أن يندرج في إطار الحروب البيولوجية التي يتحسب لها العالم منذ زمن بعيد، أم أنه فيروس طبيعي تسلل من حيوان إلى البشر، وقد كان حسم هذه المسألة أمرا مهما وحيويا بهدف معرفة المصدر الأول لحامل الفيروس وكيف نقله للبشر، لكن هذا لم يقدر للبشرية حتى الساعة، وعليه فالرهان لم يعد سوى على المزيد من البحث العلمي. 
في هذا السياق يمكننا الإشارة إلى البرنامج الطموح الذي أطلقته الوكالة الأميركية للتنمية الدولية للاستعداد للتهديدات الصحية المحتملة في المستقبل.. يعن لنا التساؤل لماذا.. وما هي أهمية مثل هذا المشروع؟ المتابعون للأخبار العميقة في الأسابيع الأخيرة تلفت انتباهم أحاديث جارية عن احتمالات واسعة لظهور فيروس آخر أشد فتكا بعد أن ينهي كوفيد - 19 دوره، ولا أحد يعلم إن كانت تلك الأخبار حقيقية بالمطلق، أم أنها تنبؤات ذاتية من نوعية ما يسمى بالـ Self prophecy ، أي التهديدات التي تحقق ذاتها بذاتها، وعادة ما تكون وراءها أياد خفية تسعى في طريق معين لتحقيق أهداف ما ورائية بذاتها، على أنه مهما يكن من أمر أحاديث الأوبئة المستقبلية، فإن أفضل طريق للتنبؤ بالمستقبل وكما يقول الفيلسوف الروسي الأصل البلجيكي الجنسية، إيليا بريغوجين، هو صناعته، ومن هنا يبقى البحث العلمي وسيادته وريادته طريق البشرية الوحيد المنقذ من الفخاخ المنصوبة في الطريق. 
المشروع الجديد الذي تطرحه الولايات المتحدة والعالم برمته مدعو للمشاركة فيه ومدته خمس سنوات، يعمل على تعزيز القدرة العالمية على اكتشاف وفهم مخاطر انتقال وانتشار الفيروسات من الحياة البرية إلى البشر، والتي يمكن أن تتسبب في جائحة أخرى لا تقل هولا عن جائحة كورونا بل يمكن أن تزيد. 
يقول البيان الصادر عن الوكالة إن "هذا المشروع يأتي بعد أن أظهرت جائحة كورونا، كيف يمكن أن تهدد الأمراض المعدية المجتمعات وتنهي حياة الناس، وإن تفشي المرض لا يحترم الحدود الجغرافية ويمكن أن ينتشر بسرعة، ما يعرض الصحة والسلامة والأمن الاقتصادي للبلاد للخطر".
يبقى العلم المنقذ الوحيد للبشرية في مواجهة الخرافة والضلال، لاسيما أن هناك من يروج حتى الساعة فكرة المؤامرة المرتبطة باللقاحات. 
البشرية في خطر والسعي في طريق العلم جهاد محبوب ومرغوب.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية