العدد 4750
السبت 16 أكتوبر 2021
banner
نجيب محفوظ و“نوبل” و“كامب ديفيد”
السبت 16 أكتوبر 2021

في مثل هذا الوقت من خريف كل عام مع الإعلان عن جوائز نوبل تمر الذكرى السنوية لفوز عميد الرواية العربية الراحل نجيب محفوظ بها بكل جدارة واستحقاق، وهي مناسبة جدير أن يُحتفل بها من قِبل الأوساط الثقافية المصرية والعربية، وحينما نقول إنه فاز بها بكل جدارة واستحقاق فهذا يعني أنه لا مسوغ لإثارة أية شكوك من قريب أو من بعيد تجاه أديبنا الكبير حول هذا الاستحقاق، سواء من جهة النواحي الأدبية والفنية الإبداعية لأعماله الروائية، خصوصا تلك التي وردت في حيثيات الفوز، أو من جهة تخوينه وطنياً بدعوى أنه لم ينلها إلا بفضل تأييده المعاهدة الموقعة بين بلاده وتل أبيب عام 1979 المعروفة اختصاراً بـ “اتفاقية كامب ديفيد”، وللأسف فإن هذا التخوين مازال مستمراً إلى يومنا هذا، ويطل برأسه بين الفينة والأخرى في كتابات العديد من كتّابنا العرب، وبذلك لم يكن اغتيال محفوظ سياسياً أقل جرماً من محاولة اغتياله فعلياً طعنا على يد إرهابي متطرف، فلقد تآذى أديبنا كثيراً وهو في أرذل عمره من كلا الاغتيالين، ومن المفارقات العجيبة أن جزءاً كبيراً من الإدانات التي وُجهت للمجرم والجماعات الإرهابية صدرت ممن طعنوا في شرفه الوطني لتأييده تلك الاتفاقية.
ومع أن واحدة من أطول الدراسات النقدية الرصينة الأخيرة التي نُشرت لأكاديمي عربي قد تناولت بالتحليل كتاباً قيّماً صدر بعنوان “أولاد حارتنا.. سيرة الرواية المحرمة” للكاتب المصري محمد شقير، والذي سرد فيه بالتوثيق التاريخي كل الملابسات السياسية والإعلامية والاجتماعية والدينية التي أحاطت بالضجة المثارة حول الرواية منذ نشرها في الأهرام 1959، إلا أن تلك الدراسة الرصينة لم تخلُ للأسف من غمز هنا ولمز هناك بالطعن الخجول في شرف الرجل الوطني المشهود له بمواقفه الوطنية طوال حياته. (راجع في هذا الصدد فصلية نزوى، أبريل 2019).
والحق لم تكن للرجل أية دوافع مادية من تأييده الاتفاقية، وكان ينبغي احترام حقه في التعبير عن مختلف آرائه ومواقفه مهما بدت صادمة، فما بالك وأن ذلك التأييد لم يكن إطلاقاً سبباً لمنحه الجائزة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .