أستاذة الصحة النفسية صديقة علي: "متلازمة الكوخ" أبرز التداعيات المستقبلية لعزلة "كورونا"
الحاجة للرعاية النفسية ستزداد بعد الجائحة
ازدياد الشعور بعدم اليقين والشك من المجهول بشكل غير مسبوق
ممارسة النشاطات الدينية والروحانية تسهم في بث روح الطمأنينة
ممارسة أي نشاط أو هواية أو رياضة تقوي دافع الاستمرار بالحياة
قالت أستاذة الصحة النفسية بكلية العلوم الصحية والرياضية بجامعة البحرين صديقة علي عباس غلوم إن الكثير من الدراسات العلمية أكدت ضرورة معرفة الآثار السلبية الناجمة عن التعرض للضغوطات النفسية، والتي طالت العديد من الناس في جميع أنحاء العالم أثناء جائحة (كوفيد 19)، وتأثيراتها السلبية على الصحة النفسية التي قد تدوم لوقت أطول من أية تأثيرات صحية أخرى.
وأشارت لـ “البلاد” إلى أن ذلك يؤكد أن الحاجة للرعاية النفسية ستزداد وتستمر لوقت طويل وحتى بعد انحسار الجائحة.
وقالت إن من أكثر المشكلات التي قد تحدث نتيجة لتفشي فيروس كورونا هي الأرق وتقطّع ساعات النوم، وزيادة أو فقدان الشهية، وارتفاع نسب العنف الأسري، وزيادة عدد حالات الطلاق.
وأوضحت أن هذه الآثار يمكن أن تتحول إلى أعراض مرضية نفسية، مثل اضطراب القلق العام، واضطراب الوسواس القهري، واضطراب الاكتئاب الرئيسي، واضطراب ما بعد الصدمة النفسية، و”متلازمة الكوخ”، وهي اضطراب نفسي ينتج في الأساس عن العزلة الاجتماعية لفترة طويلة، ويواجه المصاب به صعوبة في الانخراط بمحيطه ومجتمعه بصورة طبيعية فيما بعد.
ولفتت إلى أن الأعراض المرضية النفسية قد تشمل أيضا الإدمان السلوكي كالإدمان على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وخطر الإدمان على تعاطي المواد المخدرة والمسكرة وزيادة حالات الانتحار.
عدم اليقين
وقالت صديقة علي: لمدى أشهر عديدة ومتواصلة أضحى الجميع يعيش في قلق مع كل ما يستجد من أخبار ومعلومات عن جائحة كورونا وأصبحنا نعيش فترة زمنية لازمها الكثير من الخوف والذعر سواء من المرض أو من الموت.
وذكرت أن تجربة الشعور بهذا الكم من عدم اليقين والشك من المجهول هو جديد في تاريخ البشرية؛ لكون هذه الجائحة ظهرت في الوقت الذي أصبح فيه انتشار الخبر أسرع من أي شيء آخر، وتنوع مصادر الأخبار واختلاف مصداقيتها كانت لها تبعات عديدة على الصحة النفسية للأفراد والمجتمعات.
وذكرت أن المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية في الدورة 148 في يناير 2021 أكد أن جميع المجتمعات المتضـررة ستحتاج إلى خدمات صحية نفسية جيدة لدعم تعافي المجتمع من آثار جائحة (كوفيد 19). وأكدت أهمية الاهتمام بالصحة النفسية لما لها من تأثير مباشر على الجهاز المناعي للإنسان إلى جانب تأثيره الكبير على الحالة النفسية، وتعريض الجسم لنوبات التوتر والقلق يزيد الأمور سوءاً وتضاعف خطورة فيروس كورونا حال وقوع الإصابة به.
وأوضحت، أنه بناء على ذلك، فإن من المهم الحفاظ على الحالة النفسية حتى بعد انقضاء الجائحة وذلك باتباعنا بعض الاستراتيجيات وسبل التكيف التي ستخفف من تأثيراتها السلبية علينا.
وذكرت أن الخطوة الأولى تبدأ بأن تتحدث عن القلق من مرض كورونا والتعبير عن مشاعرك لمن هم مؤهلون لذلك، حيث إن كبت المشاعر يعد أحد المسببات الرئيسة للاضطراب النفسي.
وأكدت أهمية التواصل مع طبيب أو أخصائي نفسي مختص عند تفاقم حدة الأعراض لتقديم الدعم والمساندة المطلوبة، وتجنب التعرض للتأثيرات طويلة الأمد ومنع أية مضاعفات تنجم عن ذلك.
وحضت على البحث عن مجموعات الدعم ودوائر الثقة والأمان في الأشخاص المحيطين بك والذين ينشرون الاطمئنان والراحة في النفس، والابتعاد عن الأشخاص السلبيين والذين يساعدون في بث الرعب والشك في النفوس.
ونصحت بممارسة أي نشاط أو هواية أو رياضة مفضلة للحفاظ على الدافع الذي يساعد على استمرار الحياة وإعطاء حياتك معنى.
وأشارت إلى أن ممارسة النشاطات الدينية والروحانية - كل حسب إيمانه ومعتقداته - تسهم في بث روح الطمأنينة والسكينة لديك.
وأكدت دور ممارسة جلسات الاسترخاء وتمارين التأمل والتي يمكن أن تسيطر على القلق من مرض كورونا، وتحسن الحالة النفسية عموما وحتى بعد زوال الجائحة.
وختاما لفتت أستاذة الصحة النفسية بكلية العلوم الصحية والرياضية بجامعة البحرين إلى ضرورة الإيمان والاعتقاد بأن الجائحة لابد لها أن تزول بإذن الله، ولابد أن نعي أن عودة الحياة لسابق عهدها تحتاج منا الصبر والاستعداد لها بشكل تدريجي وتهيئة حياتنا المقبلة بالطريقة المناسبة حتى تؤول لبدايات جديدة.