العدد 4646
الأحد 04 يوليو 2021
banner
الإعلام الإخواني في ورطة
الأحد 04 يوليو 2021

في حال أصرت السلطات التركية هذه المرة على التزام القنوات الفضائية الإخوانية بالتعليمات الجديدة، والتوقف عن التحريض السياسي وبث خطاب معاد للدولة المصرية، فإنها ستفاقم مأزق جماعة الإخوان المسلمين، خصوصا إذا ما تم الأخذ في الاعتبار الأهمية المركزية التي توليها الجماعة للإعلام، باعتباره من أهم أدوات تنفيذ مشروعها الفكري والسياسي، كما ستترتب على هذه التعليمات خسارة الجماعة أهم حاضنة، سياسية وإعلامية، كانت تمثل بالنسبة لها الملاذ الآمن طيلة السنوات الماضية، وأهم عوامل بقائها بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013، حينما فرت معظم قيادات الجماعة والعديد من كوادرها الشابة إلى تركيا، التي قدمت لهم العديد من التسهيلات وساعدتهم على تكوين “امبراطورية إعلامية”، تضمنت العديد من القنوات الفضائية والمواقع والمنصات الرقمية، كي تكون المنصة التي تدافع بها الجماعة عن نفسها من ناحية، ومهاجمة النظام المصري، والتحريض عليه، وتشويه صورته، من ناحية ثانية، وذلك في محاولة للعودة مجدداً إلى المشهد السياسي.

إذا أثبتت تركيا أنها جادة في فرض قيود صارمة على منظومة الإعلام الإخواني التي تبث من أراضيها، فإنها بذلك تكون قد وجهت ضربة قاسمة لجماعة الإخوان المسلمين، لاعتبارات عديدة، أولها أن عملية البحث عن حاضنة بديلة عن تركيا ربما تستغرق بعض الوقت من الجماعة، وهذا من شأنه إضعاف - إن لم يكن تجميد - المنظومة الإعلامية للإخوان مؤقتاً، وعجزها عن القيام بدورها في مواكبة أهداف الجماعة، وثانيها تنامي حالة القلق العربي والدولي من الخطاب الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين، والذي ينطوي على تهديد واضح للدولة الوطنية، وهدم مرتكزاتها، فضلاً عن معاداة قيم التسامح والتعايش، وثالثها التحركات الأوروبية الأخيرة التي تستهدف تقييد الأنشطة الإخوانية في العديد من الدول الأوروبية.

ورطة الإعلام الإخواني أحد جوانب الأزمة الشاملة التي تواجه جماعة الإخوان المسلمين بوجه عام، وهي أزمة مركبة تطال شرعية الجماعة وقدرتها على التأثير والحركة، نتيجة ما تعانيه من صراعات داخلية بين قياداتها من ناحية، وفشل رهانها على الاستفادة من التطورات الإقليمية والدولية من ناحية ثانية، وهي تطورات لم تعد مواتية لعودة جماعة الإخوان المسلمين إلى المشهد السياسي بعد أن انكشف مشروعها لجميع شعوب المنطقة، التي باتت على قناعة اليوم بأن هذا المشروع يقف وراء حالة الفوضى التي تشهدها العديد من دول المنطقة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية