انسابت دموع المصلين أثناء دعاء الخطباء في خطبة عيد الفطر المبارك لإخواننا الفلسطينيين الذين تعرضوا لموجة قصف إسرائيلي وحشي دون رادع من ضمير أو قانون أو حتى سلطة جبرية لدولة قادرة أو منظمة دولية معنية، لكنه جر تعاطفًا عالميًا كبيرًا وتسبب في اندلاع مظاهرات شعبية عارمة في بلدان إسلامية وغير إسلامية، وأدى لتزايد الغضب من الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يراع أبسط حقوق الإنسان الفلسطيني بخنقه بالحصار والضغط.
ورغم مرارة وقسوة ما حدث، والألم الذي ألم بنا جراء كل هذا البطش الإسرائيلي ضد إخواننا الفلسطينيين، إلا أنه أثبت أن تلك القضية لم ولن تنسى وستظل اختبارًا لعدالة وأخلاقية النظام الدولي، وأن المنطقة لن تستقر فعلا إلا بحل عادل لها يضمن للفلسطيني حقوقه وأمنه، ويوفر له حياة طبيعية كغيره من أبناء دول العالم.
لقد صدق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عندما وصف الهجمة الإسرائيلية الأخيرة بعملية التدمير الممنهجة، حيث استهدفت مناطق سكنية ومؤسسات مدنية في قطاع غزة، بمئات القذائف الثقيلة والغارات الجوية لسلاح الجو والمدفعية الإسرائيلية، ما أدّى إلى سقوط عشرات الشهداء ومئات المصابين وتدمير تلك المناطق المستهدفة ونزوح عشرات الأسر من بيوتها، محذرا المرصد من أنّ الجيش الإسرائيلي انتهك مبدأ التناسب والتمييز، واستخدم الكثافة النيرانية العالية بهدف الترهيب والانتقام والعقاب الجماعي للمدنيين وليس لضرورات عسكرية.
وثق المرصد الأورومتوسطي جرائم خطيرة من بينها مسح مبان سكنية بالكامل، وتدمير أحياء كاملة، دون أي اعتبار لقواعد القانون الدولي الإنساني، وهو ما شجع العناصر اليمينية المتطرفة في إسرائيل على تكثيف هجماتهم العنصرية على الفلسطينيين ومزارعهم وممتلكاتهم في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية.
فهل هذه الجرائم كافية لتحرك المجتمع الدولي بفعالية ليس لإنقاذ الإنسان الفلسطيني، بل لإنفاذ القوانين وتطبيق قرارات الشرعية الدولية التي استغرقت عقودًا من النضال والعمل إلى أن تم التوصل إليها لأجل خير البشرية كلها؟.