حس الفكاهة أصبح المسيطر على أغلب الأشخاص في ظل ما نعيشه من أخبار متتالية غريبة عجيبة، بدءا بالجائحة وانتهاء بالصاروخ الصيني الذي توالت بسببه النكات والصور، يبدو أن الأزمات تجعل الشعوب أكثر حبا للطرفة وتداولها، وكأن لسان حالها يقول “خل نعيش اليوم لحظه بلحظه”.
الحقيقه أنني أرجع كل ما نعيشه من مشاعر وانفتاح غير مسبوق على الآخر إلى الإعلام الرقمي السريع الذي استطاع في غضون ساعات مثلا أن ينشر رابطا لمتابعة مسار الصاروخ الصيني وأن يحرك جيلا من الشباب يتفنن في إطلاق النكات واستخدام الصور المعبرة وتركيب العبارات على الصور ليصبح أي حدث في غضون لحظات معدودة ترندا حقيقيا يجوب العالم.
في كتب الإعلام التي لابد من مراجعتها أمام هذا الكم الهائل من المتغيرات الحقيقية، كنا نقول إن المحرك الأساسي للأخبار هو وكالات الأنباء، وما تفرضه الوكالة هو بالتأكيد دليل واضح لاتباعه من قبل بقية وسائل الإعلام بالتركيز على خبر بعينه دون الآخر، أما الآن فقد بات الإعلام الرقمي وخصوصا ما يتعلق بوسائل الإعلام الحديثة وقنوات التواصل الاجتماعي المحرك الأساسي للأحداث عالميا، وهو أمر مهول يدعو للدراسة والتمحيص، فقد أغضب الترند الحالي الذي صنعته وسائل التواصل الاجتماعي عن الصاروخ الصيني، جمهورية الصين الشعبية وخرجت ببيان توضح فيه أن هذه الحادثة مكررة وأن الصاروخ سينفجر خارج الغلاف الجوي وسيهبط حطامه فيما بعد بما لا يشكل خطورة كبيرة ولا يدعو إلى كل هذا الهرج على حد زعمها، لكن بيان الصين لم يصل حتى إلى عُشر النسبة التي وصل لها ترند الصاروخ وانتظار سقوطه وأين سيسقط!
حقا إن الأمر بحاجة إلى مزيد من الأبحاث، ما تصنعه السوشل ميديا برأيي البسيط يغير قواعد اللعبة الاعلامية بأكملها ويفتح أعيُننا على أداة جديدة تستطيع ببساطة الوصول إلى كل سكان الكرة الأرضية ممن يستخدمون هاتفهم النقال، ونحتاج فعلا أن نشاهد وننصت إلى هذه القوة المحركة شئنا أم “شئنا”، فلا مجال أن تأبى أو ترفض ما يحدث حاليا من توجهات وتحركات عالمية تصنع رأيا عاما عالميا (موحدا) من خلال برامج تواصل اجتماعي كنا نظن لوهلة ما أنها “هبة وبتعدي”.