العدد 4575
السبت 24 أبريل 2021
banner
الصحافة وإعلانات “السوشال ميديا”
السبت 24 أبريل 2021

لم تتعرض “السوشال ميديا” لغزو الإعلانات التجارية منذ بدايات اختراع كل منها على التوالي، كما تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية وبكثافة منقطعة النظير، حتى أضحت بمجملها تشكل امبراطورية الإعلانات في العالم بلا منازع، وتدر عليها أرباحا فلكية بمليارات الدولارات. في الماضي كانت الصحافة الحديثة الوسيلة الأولى لعرض الإعلانات التجارية منذ نشأتها في القرن التاسع عشر، وبعد اختراع الراديو والتلفزيون أواخر القرن نفسه ودخولهما حيز التنفيذ أوائل القرن العشرين؛ وولوجهما حلبة المنافسة مع الصحافة على سوق الإعلان تأثرت الصحافة بالمزاحمة نسبيا، لتمتعها بخاصية عرض بعض الإعلانات التي لا يلائم عرضها في وسائل الإعلام الأخرى، فظلت تتمتع بمردود ممتاز أو جيد من الأرباح يدر عليها من تلك الإعلانات ويعوضها عن تكاليف الإنتاج وأجور العاملين فيها؛ فضلاً عما يدره ذلك من أرباح على مجلس الإدارة أو المساهمين فيها.

وجاء عصر الفضائيات ليشكل تهديداً جدياً في مزاحمة الصحافة، أما وقد حل عصر “السوشال ميديا”، فقد غدت هذه المنافس الخطير للصحافة وسائر وسائل الإعلام الأخرى، وكان لظهور الصحافة الإلكترونية تأثير أيضاً، حتى شهدنا بأسىٰ بالغ مأساة إغلاق العديد من الصحف العالمية والعربية الورقية العريقة بعد إفلاسها ولجوء بعضها إلى الاستعاضة عن ذلك بتحولها إلى إلكترونية، لكن المتضرر الأول مزاجياً المليارات من سكان العالم الذين يُفرض عليهم الإعلان إجباريًا أو الدفع مقابل حجبه؛ فعلى سبيل المثال في السنوات الأولى كان قطع مادة الفيديو لا يتعدى مرة أو مرتين، ثم أضحى لعدة مرات قد تصل حتى إلى سبع: فأنت الآن لا تستطيع فتح أي فيديو مهما كانت أهميته القصوى العلمية أو الثقافية لك دون أن يبدأ بإعلان، فإن أردت مسحه استغرقت منك العملية بضع ثوان، دع عنك مرات القطع التالية المفضية لإزعاجك، والطريف أن الفيديوهات ذات الإعلانات المقطعة لا تستثني الموسيقى الهادئة؛ بما فيها موسيقى الاسترخاء الذهني المخصصة للقراءة أو النوم!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .