العدد 4540
السبت 20 مارس 2021
banner
الزواج المحرج
السبت 20 مارس 2021

في العام القادم 2022 تمر الذكرى الستون لنيل الجزائر استقلالها الوطني وتحررها من الاستعمار الفرنسي، وعلى امتداد ستة عقود ظلت ملفات الميراث الاستعماري التي خلفتها فرنسا بدون تسوية؛ بل شكلت عقبة كأداء في تطوير العلاقات بين البلدين، وخيّب رئيسها إيمانويل ماكرون آمال الجزائريين لرفضه الاعتذار عن الجرائم التي اقترفتها بلاده خلال تلك الحقبة الاستعمارية السوداء للجزائر التي امتدت إلى 132 عاماً، رغم اعترافه في عام 2017 بأن استعمار الجزائر "كان جريمة ضد الإنسانية".

وفي أوائل الشهر الجاري أقر ماكرون أمام أحفاد المناضل الوطني علي بومنجل بتعرض جدهم للتعذيب والقتل على أيدي جيش الاحتلال الفرنسي خلال حرب التحرير الوطنية الجزائرية في تراجع عن أكذوبة انتحاره، ومع ذلك فإن الإقرار بهذه الجرائم من سلسلة جرائم عديدة لا يعني للشعب الجزائري شيئاً ما لم يقترن بتعويضات بما بات يُعرف بـ "جبر الضرر" وهو ما لا تريد فرنسا الإقدام عليه لكي لا تفتح عليها باب جهنم من مطالبات البلدان التي تعرضت لاستعمارها وخصوصا الأفريقية منها.

في مثل هذه الظروف جاء خبر اقتران الكاتبة الشابة الجزائرية ياسمين بريكي بالأمير يواكيم تشارلز نابليون (47 عاماً) حفيد نابليون بونابرت الأول مفاجئاً وصادماً للرأي العام الجزائري وليفجر سجالاً داخليا، ياسمين التي استحقت لقب "الأميرة" بعد هذا الزواج، والقارئة جيداً لتاريخ بلادها حيث درست في إحدى جامعاتها، بدت كما لو أنها تعلم جيداً ما يشكله زواجها من ذلك الأمير من إحراج لها، ولم يبدُ تبريرها بأن نابليون قائد الحملة الفرنسية على مصر أواخر القرن الثامن عشر لم يستعمر بلادها مقنعاً، مع أنه كان يحلم باحتلالها، سيما أن هذا الاحتلال تم على يد ابن أخيه نابليون الثالث الذي اشتهر بمحاولته إخضاع البلاد والتنكيل بشعبها واستغلالها بأقل تكلفة ممكنة، كما بدا قولها إنها تأمل من زواجها تحسين العلاقات بين البلدين باهتاً. لا أحد يستطيع بطبيعة الحال أن يلوم الأميرة الجديدة على قرارها بزواجها من سليل الأسرة البونابرتية؛ بما أنه يندرج في فضاء الحرية الشخصية، وإن كان ينبغي مبدئيا ألا تتصادم الحرية الشخصية مع حرية الأوطان، فهي وُلدت في زمان غير زمان ولادة المناضلة الوطنية الكبيرة جميلة بوحيرد، وغير زمان المناضل والشاعر الفلسطيني الكبير محمود الذي آثر قطع علاقته مع حبيبته "ريتا" إثر علمه بتطوعها للانضمام للجيش الإسرائيلي عشية تحضيره لحرب يونيو 1967.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية