+A
A-

البروفيسور فيصل الملا يصدر كتاب بعنوان "مدخل إلى البحث العلمي في علوم التربية البدنية والرياضة"

يُـوصف البحث العلمي بأنه النشاط الذي ينتج العلم، ويكشف الحقائق ويقدم الحلول. وانطلاقاً من أهميته ُ هذه، فإنه يُعتبر مؤشراً ومعياراً مهماً للتنمية البشرية وتطور البلدان، نتيجة الأهمية المفترضة التي يقدمها إلى صانع القرار والجهات والمؤسسات المعنية بمخرجاته. وتوصف بلدان العالم العربي بتدني إنتاجها من البحث العلمي، وكذلك بسوء توظيف نتائجه. ولهذه الأهمية، كان لا بد من وجود أكثر من كتاب لأكثر من مؤلف عن منهجية البحث العلمي. فقد صدر حديثاً للبروفيسور فيصل الملا، الأستاذ بكلية العلوم الصحية والرياضية بجامعة البحرين، كتاب جديد بعنوان "مدخل إلى البحث العلمي في علوم التربية البدنية والرياضة" عن دار "ذات السلاسل" للنشر والتوزيع بدولة الكويت، ليملأ فراغاً وليحتل مكانةً متميزةً في المكتبة العربية، وأن يكون جديراً بها بين كتب مناهج البحث العلمي القليلة. وقد صمم هذا الكتاب الذي يقع في (480) صفحة من الحجم المتوسط، وبإخراج جميل، ليأخذ الدارس والباحث عبر فصوله السبعة إلى جميع مراحل البحث العلمي بدءاً بالشعور بالمشكلة وتحديدها، إلى اختيار المنهج البحثي المناسب، وكتابة خطة البحث، ومروراً بجمع البيانات باستخدام الأدوات المناسبة لها، ووصولاً إلى تحليل النتائج باستخدام أساليب الإحصاء الوصفي والاستدلالي، وانتهاءً بكتابة التقرير البحثي وتقويمه.

وكتب المؤلف، البروفيسور فيصل الملا، في مقدمة الكتاب أن البحث العلمي يحتلّ في الوقت الراهن موقعاً مرموقاً ومؤثراً في تقدم النهضة العلمية، نظراً لما يلعبه من دور محوري في مختلف جوانب صنع القرارات، فقد اظهر بوضوح في الآونة الأخيرة العلاقة الايجابية الكبيرة بين البحث العلمي وتحقيق التنمية المجتمعية. ولا ريب في أن حاجة علوم التربية البدنية والرياضة إلى البحث العلمي اليوم أكثر منها في أي وقت مضى نظراً لضخامة التحديات التي يجب أن تقوم بها هذه العلوم في المستقبل لتضمن لها التفوق والتميز.

وأستطرد المؤلف في تبيان أهمية البحث العلمي بالقول إن الحاجة إلى البحث العلمي في علوم التربية البدنية والرياضة أضحت اليوم مهمة أكثر من أي وقت مضى؛ فمجال التربية البدنية والرياضة يعاني كثيراً من المشكلات التي تعوق من تقدمه وتطوره، كما أنه في سباق للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعرفة العلمية التي تكفل تحقيق النتائج القياسية في مختلف الأنشطة الرياضية، وتضمن للرياضيين التفوق على غيرهم. لذلك إننا في أشد الحاجة لتبني أسلوب المنهج العلمي حتى نتمكن من النهوض بعلوم التربية البدنية والرياضة وإيجاد الحلول المناسبة لمشكلاته المتعددة.

وبين المؤلف أن قليلة هي الكتب التي تناولت مناهج البحث العلمي، وبحيث لا تزال الحاجة تدعو بإلحاح لأن يكون تحت يد الدارسين والباحثين أكثر من كتاب لأكثر من مؤلف عن منهجية البحث العلمي وخاصة تلك التي تتعلق بعلوم التربية البدنية والرياضة من خلال نظرة شمولية تؤكد التواصل بين علوم التربية البدنية والرياضة من جهة، وتفتح أمامها الآفاق من جهة أخرى لنهل من زاد المعرفة الذي سبقتها إليه العلوم التربوية والإنسانية الأخرى، ولتواكب من جهة ثالثة آخر مستجدات العصر الحديث خاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والذكاء الصناعي.

يحتوي الكتاب على سبعة فصول رئيسة حاول فيها المؤلف أن يقدم منهجية البحث العلمي خطوة بخطوة بدءاً بالتعريف بالبحث العلمي، وانتهاءً بكتابة التقرير النهائي للبحث، وذلك في تتابع منطقي لخطوات البحث العلمي، والتدريب على مهاراته، سواءً كان البحث أكاديمياً، يسعى فيه الدارس أو الباحث إلى الحصول على المؤهل الجامعي، أو كان بحثاً مهنياً، يسعى فيه الدارس أو الباحث بالفعل إلى الحصول على المعرفة اللازمة لحل المشكلات أو لتطوير الممارسات.

تناول الفصل الأول مفهوم البحث العلمي ومبادئه الأساسية، حيث تم استعراض أبرز تعاريف البحث العلمي، واهداف البحث العلمي، واهميته، وخصائصه. كما تناول طرق الحصول على المعرفة العلمية وغير العلمية، ثم الانتقال إلى أنواع البحوث العلمية موضحاً تصنيفها، مع ذكر أخلاقيات البحث العلمي؛ إضافة إلى تناوله لأهم مشكلات البحث العلمي في علوم التربية البدنية والرياضة وحلولها المقترحة.

وأشتمل الفصل الثاني على عناصر مخطط البحث العلمي باعتباره الأساس في عملية إجراء البحث العلمي من حيث عنوان البحث، ومقدمة البحث، ومشكلة البحث، وأهداف البحث، وأسئلة البحث أو فرضياته، وأهمية البحث، ومصطلحات البحث، ومحددات البحث، ومراجعة الدراسات السابقة، ومنهجية البحث وإجراءاته، وأخيراً قائمة المراجع.

وناقش الفصل الثالث أنواع مناهج البحث العلمي الأكثر استخداماً في علوم التربية البدنية والرياضة والمتمثلة بالمنهج التاريخي، والمنهج الوصفي، والمنهج التجريبي، فعرضت المواضيع المتعلقة بهذه الأنواع في محاور عدة، بدأت بعرض نشأة هذه المناهج وتحليل مفاهيمها المختلفة، ومر بتناول أهم الأغراض التي تستهدفها هذه المناهج، وأهم أنواع الدراسات الوصفية، وأهم أنواع التصميمات التجريبية المختلفة، وعرض لأهم الخطوات الأساسية التي يمر بها الباحث عند استخدامه لهذه المناهج، وانتهاءً بعرض لأهم المزايا والعيوب لهذه المناهج البحثية.

وتضمن الفصل الرابع العينات البحثية من حيث مفهوم كل من مجتمع البحث وعينته، كذلك تم استعراض طرق العينات الاحتمالية وأنواعها المختلفة المتمثلة بالعشوائية، والمنتظمة، والطبقية، والعنقودية؛ وغير الاحتمالية وأنواعها المتمثلة بالمتيسرة، والقصدية، والحصصية، والتطوعية. إضافة إلى تناوله أخطاء اختيار العينة، وطرق تحديد حجم العينة، والعلاقة بين حجم العينة وخطأ المعاينة، كما تم استعراض العوامل المؤثرة في تحديد حجم العينة.

وتطرق الفصل الخامس إلى أدوات جمع البيانات في البحث العلمي المتعلقة بكل من الاستبانة، والملاحظة، والمقابلة، والاختبار، فتم عرض المواضيع المتعلقة بهذه الأدوات في محاور عدة، بدأت بعرض مفهوم هذه الأدوات وخصائصها العامة، وأنواعها وتصنيفاتها المختلفة، وخطوات إعدادها وطريقة استخدامها ومجالاتها، وانتهاءً بعرض أهم مزاياها وعيوبها.

وأختص الفصل السادس بالحديث عن الإحصاء في البحث العلمي، من حيث مفهوم الإحصاء، وأغراضه، وتصنيفاته المتمثلة بالإحصاء الوصفي الذي يختص بوصف البيانات وتنظيمها وتصنيفها وعرضها وذلك من خلال استخدام جداول التوزيعات التكرارية والرسوم والأشكال البيانية، أو من خلال استخدام مقاييس النزعة المركزية والتشتت والدرجة المئينية والدرجة المعيارية، أو من خلال استخدام معاملات الارتباط؛ والإحصاء الاستدلالي الذي يختص بفحص ومقارنه المتوسطات وذلك من خلال اختبار (ت)، وتحليل التباين، واختبار توكي للمقارنات البعدية.

أما الفصل السابع والأخير فاشتمل على كيفية كتابة تقرير البحث وتقويمه، مع التركيز على الأطر العامة المتعلقة بالأقسام الرئيسة والفرعية للتقرير، وطريقة التوثيق في المتن وفي قائمة المراجع اعتماداً على الأسلوب المتبع لجمعية علم النفس الأمريكية (APA). كما تم التطرق إلى عناصر تقويم تقرير البحث، إضافة إلى بعض التساؤلات المرتبطة بكل عنصر من عناصر التقويم، التي يمكن للمحكمين والباحثين الاسترشاد بها أثناء تقويم تقارير البحوث، وقبل إعطاء التقديرات الكمية، وكتابة التقرير التفصيلي عن البحث.

لقد حاول المؤلف، البروفيسور فيصل الملا، في هذا الكتاب أن يقدم الجديد والمفيد من المعارف والمعلومات المتعلقة بالبحث العلمي في علوم التربية البدنية والرياضة وتطبيقاته بشكل واضح ودقيق. كما حاول أن يقدم عرضاً متوازناً ومتكاملاً بين الجوانب النظرية والتطبيقية للبحث العلمي بحيث يخدم أحدهما الآخر، كما قدم عدداً لا بأس به من الأمثلة التوضيحية، والتمرينات التدريبية التي تيسر استيعاب المفاهيم والمهارات البحثية الأساسية، مدعمة بالأمثلة والمواقف البحثية التي يأمل أن يستفيد منها الدارسون والباحثون في علوم التربية البدنية والرياضة أينما كانوا.

والجدير بالذكر أن البروفيسور فيصل الملا، أحد الكفاءات الأكاديمية والبحثية البحرينية الغزيرة في العطاء العلمي، حاصل على درجة الدكتوراه في التربية البدنية وعلوم الرياضة من جامعة نيومكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية، وله العديد من البحوث العلمية المنشورة في المجلات العلمية المحكمة، والمؤلفات والإصدارات التي تدرس في بعض الجامعات العربية، ومئات المقالات المنشورة في الصحف المحلية والعربية.

نسأل الله أن يكون هذا الكتاب المنهجي عونا للدارسين والباحثين وأن يكون خطوة في طريق مليء بالخطوات المماثلة نحو تعزيز قدرة مجتمعاتنا العربية في مهارة البحث العلمي كأحد أساليب الحصول على المعرفة لوضع الحلول المناسبة لمشكلاتنا المعاصرة، وأن ييسر لكم الاطلاع عليه وقراءته، حيث تجدونه في مكتبة "ذات السلاسل" بمجمع الأفنيوز بالبحرين.