العدد 4474
الأربعاء 13 يناير 2021
banner
نقطة ارتكاز د. غسان محمد عسيلان
د. غسان محمد عسيلان
أهمية القمة الخليجية
الأربعاء 13 يناير 2021

نعرف القصة التراثية العربية التي تُحكى عن رجل جمع أولادَه حولَه قُبيل موته، ثم أَعطى كلًّا منهم عودًا، وطلب من كلِّ واحدٍ أن يكسر العود الذي معه فكسره بيسر وسهولة، ثم أحضر لهم مجموعةً من الأعواد مربوطةً في حزمةٍ واحدةٍ، وطلب من كلِّ واحدٍ منهم أن يكسر هذه الحزمة فعجزوا جميعًا عن كسرها، وهنا ظهرت حكمة الأب لأولاده، وهي أن يظلوا متحدين متجمعين يدًا واحدة حتى لا يقدر أعداؤهم على أن يكسروهم أو ينالوا منهم. ومن أشهر الأشعار في ذلك قول الشاعر: كونُوا جميعَاً يا بَنِيَّ إِذا اعتَرى.. خَطْبٌ ولا تتفرقُوا آحادَا، تأبَى الرِمَاحُ إِذا اجتمعْنَ تكسُّراً.. وإِذا افترقْنَ تكسَّرتْ أفرادَا.

وما من أحد يُنكر أهمية التعاون والتوحُّد بين الشعوب العربية، ولاسيما شعوب دول مجلس التعاون الخليجي، فالتعاون بين هذه الدول يحقِّق لها القوة والمَنعة، ويردع أعداءها من العدوان عليها، ويحمي شعوبها من محاولات النيل منهم والسيطرة على ثرواتهم وخيراتهم. وكما نعلم فإن دول مجلس التعاون الخليجي تمثِّل مطمعًا للكثير من القوى الإقليمية والدولية التي تتصارع من أجل الهيمنة على الطاقة، وتعاون هذه الدول وتضافر الجهود فيما بينها يوفِّر لها الحماية والأمن، وعلى العكس من ذلك فإن الانقسام فيما بينها يُضعف قوتها، ويُذهِب رهبتها من نفوس أعدائها، وهذا لن يفيد أحدًا، ولن يجني من يشذ عن الإجماع الخليجي إلا الضعف والوهن. والحق أنَّ ما يجمع بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي من أواصر وروابط كثيرٌ جدًا، فهناك علاقات المصاهرة والقربى بين القبائل وبعضها البعض في مختلف بلدانه؛ ومن هنا يتأتى حرص الجميع على قوة وتماسك ومَنَعَة هذا المجلس، وأهمية وضرورة جمع الكلمة وتوحيد الصف بين أعضائه، لما يربط بينهم من علاقات خاصة، وسمات مشتركة أساسها العقيدة الإسلامية والثقافة العربية، ووحدة الهدف والمصير المشترك الذي يجمع بين جميع أبناء الخليج العربي.

وفي الحقيقة لقد قطع مجلس التعاون الخليجي مسيرةً حافلة زاخرة بالنجاحات، وينبغي أن نُحافظ على ما تمَّ إحرازه من إنجازات ونبني عليه، تحقيقًا لآمال مواطني دول المجلس وتطلعاتهم نحو مزيدٍ من التطور والرخاء والازدهار، ووقوف دول المجلس صفًا واحدًا في مواجهة أي تهديد قد تتعرض له أي منها.

لقد فرح الجميع بنجاح القمة الحادية والأربعين لدول مجلس التعاون الخليجي التي عُقدت مؤخَّرًا في محافظة العُلا السعودية في رأب الصدع؛ لأن ذلك له أهمية كبيرة في حماية أمن جميع الدول الأعضاء في المجلس، وصون استقرارها، وتأمين سلامتها، وحماية مصالح مواطنيها، كما أن الكثيرين يستبشرون خيرًا بأن نتائج القمة  سيكون لها أبلغ الأثر في إيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية مستقرة تعزز رفاهية جميع مواطني دول المجلس، وتحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين من خلال تفعيل مسيرة التعاون بين دُوله في جميع المجالات، وخصوصا المجال الاقتصادي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .