+A
A-

بطل "توستماسترز" شكري يضع حجر أساس مدرسته بفن الخطابة

محمد علي شكري بحريني مدرب ومتحدث معتمد حائز على العديد من الجوائز العالمية.
سُجل كأول عربي يصل الى نهائيات بطولة العالم في الخطابة العالمية وهو أحد "أفضل عشرة متحدثين في العالم" (واشنطن العاصمة ، 2006).
استطاع مساعدة مئات الشركات وألاف الافراد على الاستفادة من أفضل ما لديهم وإطلاق العنان لإمكاناتهم ومواهبهم.

· كيف هي بداياتك في مسيرة الخطابة، وكيف وصلت إلى المنافسة على مستوى العالمية؟
لم أكن أعلم، بأن كلمة "نعم" التي قلتها في موقفٍ مفاجئٍ وخاطف، عندما كنتُ في نهاية العقد الثاني من عمري، تلك الـ"نعم" سوف تجر معها المئات بل الآلاف المتكررة من هذه الكلمة، التي غيرت حياتي منذ ذلك الحين، إلى تاريخ كتابةِ هذه السطور.
كل ما هنالك أن الطلب كان: من منكم مستعد لأن يكون عريف الحفل القادم؟ كلنا – الشباب الخمسة – تملكنا الصمت، الذي لم يكن علامة الرضا، بل جواباً صارماً، ومرادفاً واضحاً لـ "لا، ليس أنا". حينها كسرتُ حاجز الصمت، وقلت: "نعم، أنا".
تم اعطائي المهمة، التي لم أكن أعلم أي شيء عنها وعن المضمون الذي تحتويه، والمهمة التي تندرج تحتها.
وبعد البحث والتقصي، علمتُ بأنني سأكون المقدم الذي يدير فقرات الحفل ويُقدم المتحدثين لإلقاء الكلمات.
ومنذ ذلك الحين، توالت مني الـ "النعم" التي وافقت بها على كل الدعوات الآتية، كعريف مناسبات، ازدادَ خبرةً، فازدحم الطلب عليه.
نعم، لم تكن كل المشاركات، بل معظمها، ممتعة.
ولربما لن أكون مبالغاً أنني اضطررتُ للوقوف على قدميّ ساعات وأيام طويلة، على مدى 20 سنة القادمة، أمام الجمهور، بين محاضرات ودورات وعروض ضمن العمل بالإضافة إلى طلبات ودعوات لفعاليات متنوعة، لا أستمتع بكل لحظة، ولا أتشوق للمشاركة التالية وذلك حتى أغسطس من العام 2006، حيث صعدتُ على المسرح الكبير في فندق هيلتون، في العاصمة الامريكية واشنطن، وأمام حشد من 1600 مشارك من مختلف بقاع العالم، بعد أن سمعتُ (عريف الحدث الكبير) ينادي: "المتحدث الرابع: محمد علي"
ألقيتُ خطابي، ضمن 10 متحدثين تنافسوا على لقب بطولة العالم للخطابة العالمية، فكنتُ – بذلك – أول عربي يصل إلى نهائيات البطولة التي كانت تقام سنوياً، منذ ما يربو على 75 عاماً، ويشارك فيها الآلاف من حول العالم سنوياً.

· ما هو دور التعلم الذاتي الذي دائماً تكرره وتؤمن به في وصولك لما أنت عليه؟
من الإجابة السابقة يتضح أن قول "نعم" لكل الفرص الخطابية في السنوات التي سبقت، مهما انطوت على جهد ومشقة، كانت سبباً رئيسياً أدى إلى نتيجة منطقية: فن الخطابة سيعطيك منه ما دمت تعطيه من نفسك، وبأن الممارسة المتكررة والمستمرة فقط، وبغض النظر عن نوع المناسبات والمواقف الخطابية، ستضعك في مقدمة المتحدثين الذين يجمعهم مضمار معين، سواء في السلك الوظيفي أو في أي مجال آخر.
التجربة والممارسة الذاتية كانت لي، وستكون لك، أفضل معلم ومدرب خطابة على الاطلاق.
 
· ما هي قصة برنامجك الجديد "الميدان"؟ وما هي الفائدة التي كنت تطمح ايصالها للجمهور من خلاله؟
بعد بدء انتشار الجائحة كورونا في بدايات العام، وتطبيق تعليمات الحجر والبقاء في المنازل وغير ذلك، خطرت ببالي فكرة أن أبتكر برنامجاً لإشغال الأفراد، صغاراً وكباراً، بتطوير مهارات نافعة لهم بشكل عام وفي خلال هذه الفترة الصعبة بشكل خاص.
أطلقت برنامج "الميدان" والذي أفتح الباب فيه لكل من يريد أن يشارك بفكرة أو رأي أو قصة و ذلك في شكل خطاب.
ولم أضع شروطاً عديدة أو صعبة، فسجل الكثيرون، من البحرين والدول المجاورة، وظهروا في شاشة البث المباشر عبر حسابي في الانستاغرام بشكل اسبوعي.

· ما هي الثمار التي جنيتها من خلال طرحك لبرنامج "الميدان"؟
كانت النتيجة مبهرة لي ولهم. فمن جهة اطلعت على مواهب كامنة لدى الكثير من الشباب ومن جهة أخرى صرح الكثيرون منهم أن هذا البرنامج ساعدهم على كسر حاجز الخوف وفتح الباب على مصراعيه ليستكشفوا فرص جديدة ولا يجعلوا الخوف من التواصل يحول بينهم وبين تحقيق أحلامهم وأهدافهم.
من الواضح أن أزمة الجائحة عطلت الكثير من البرامج والمشاريع والأنشطة التجارية والتعليمية وغير ذلك.
إلا أن القدر المتيقن أن التواصل مع العالم الخارجي لم يتوقف، بل تطور وأخذ صوراً متعددة، وجديدة، بالخصوص عبر الفضاء الافتراضي.
كان "الميدان" بمثابة المنصة التي ليس فقط نبهت على أهمية هذا التطور، بل شجعت على خوضه وتعلمه والنجاح فيه.

· هل سعيت في تأسيس مدرسة خاصة في تعليم "فن الخطابة"؟
نعم، بدأ السعي منذ عدة سنوات، وتم وضع حجر الأساس. ونسأل الله تعالى التوفيق لإتمام المشروع في المستقبل القريب.

· من خلال مسيرتك الحافلة، ما هي التحديات والمعوقات التي واجهتك؟
الاعتقاد السائد بأن الخطيب الملهم بلغة غير لغته الأم – وهنا أخص بالذكر اللغة الإنجليزية – لا يستطيع أن يبدع فيها المتحدث بقدر من هم أبناء اللغة أنفسهم، ناهيك عن أن يتفوق عليهم.
هذا الاعتقاد مستشري في مجتمعاتنا العربية، ودائماً الخطيب الأجنبي تكون له الأفضلية في الاختيار أو الاستئجار، على الخطيب المحلي!
وأنا، أعترف بأنني لم أكن بعيدا من هذا الاعتقاد ولا متحرراً منه، فكان عبئاً ذهنياً علي عند خوضي المسابقة والتي تجمع مئات الخطباء الأجانب من شتى أنحاء العالم.
ولكن، جاءت فرصة بطولة العالم، وأبطلت – لديَّ ولدى المتابعين للرحلة عن كثب – هذا الاعتقاد الراسخ، أو على الأقل هزَّتْهُ.
وجودي وتتويجي على منصة المسابقة كأفضل 10 متحدثين في العالم في عام 2006، ضمن نخبة كان 9 منهم متحدثين باللغة الإنجليزية الأم بالنسبة لهم، وكوني أنا الوحيد العربي، خير دليل أن اللغة والمنشأ الذي يأتي منه المتحدثـ لا تمييز خاص لها في مجال فن الخطابة الذي يجمع بين الابداع في الشكل والمضمون والرسالة وغير ذلك من المعايير.

· أخيراً، ما هي النصيحة التي توجهها لكل الطامحين للنجاح الذي وصلت إليه؟
اقبلوا كل فرصة تأتي في طريقكم، فهي ستكون لكم الطريق الممهد للنجاح في المستقبل.
أي مهارة تكتسبها مبكراً هي كالنقش في الحجر، لا يزول بسهولة على مدى الأعوام.
وبالذات، مهارة التواصل والتعبير عن النفس والأفكار أمام الآخرين بثقة ووضوح؛ فهذه ربما أهم مهارة ستحتاج لها دائماً في أي حرمٍ دراسي، أو حقلٍ مهني، أو مسارٍ وظيفي.

 

مساهمة من:

سيد حسين محمد الوداعي

طالب بجامعة البحرين