العدد 4442
السبت 12 ديسمبر 2020
banner
اللقاح لن يعالج نقاط الضعف الكامنة
السبت 12 ديسمبر 2020

لأول مرة منذ بداية الجائحة نستمع إلى تصريح يدعو إلى التفاؤل من منظمة الصحة العالمية، فكل التصريحات السابقة كانت تدعو إلى الخوف إن لم يكن الرعب وكانت هذه التصريحات فحواها دائما أن الأسوأ لم يأت بعد، لكن مع النتائج الإيجابية للقاحات في أنحاء العالم بدأ مدير المنظمة أدهانوم غيبريوس يقول إن العالم يمكنه أن يبدأ في الحلم بنهاية الفيروس.


الحقيقة أن تفاؤل غيبريوس وتفاؤل أي إنسان في العالم تجاه التخلص من هذا الفيروس المرعب وعدم التعرض لأية أوبئة أخرى في المستقبل القريب، مرهون بأشياء معينة أشار إليها مدير المنظمة في حديث، وأول هذه الأشياء كما وردت على لسانه حرفيا “أن الدول الغنية والقوية يجب ألا تدهس الفقراء والمهمشين في التدافع على اللقاحات”، وهذه جملة معبرة جدا ومهمة جدا إذا أراد العالم أن يستوعب الدرس وأن يستعد لصنع مستقبل أفضل وأقل خطرا لشعوب العالم. لكن العبارة الأكثر أهمية التي جاءت على لسانه هي أن اللقاح يمكن أن يحمي من الفيروس ولكنه “لن يعالج نقاط الضعف الكامنة”، فهذه العبارة معناها أن اللقاح لن يستطيع أن يعالج الأسباب التي أدت إلى ظهور الفيروس وغيره من عشرات الأمراض التي سبقته والتي يمكن أن تأتي بعده، ولن يستطيع أن يعالج الفقر والجوع وتغير المناخ الناتج عن الانبعاثات التي تطلقها مصانع الدول الكبرى التي تسعى إلى الثراء حتى لو أدى إلى شقاء البشرية كلها وظهور أمراض لا قبل لأحد بها.


أعلم أن ما أقوله وما قاله مدير منظمة الصحة العالمية لا جدوى منه، فلا قبل لأية قوة أن تقنع الكبار في هذا العالم أن يخففوا الاعتداء الصارخ على البيئة الذي لوث الهواء والمياه والطعام وأحدث خللا خطيرا وولد كائنات وأمراضا لن يستطيع العلماء أن يحاصروها مثل كورونا الذي حير الجميع والذي يتوقع ألا يكون الأخير إذا ما استمر العالم في اعتدائه السافر على الطبيعة.


صحيح أن هذا الوباء كشف لنا أشياء جميلة في هذا العالم مثل التضحية والشهامة والتفاني في خدمة الإنسانية مثل تلك التي أبداها العاملون في القطاع الصحي من أطباء وغيرهم، لكنه كشف في الوقت ذاته أسوأ ما في العالم من صراعات واستقواءات واستغلال لمعاناة البشر من قبل دول وشركات وغيرها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية