العدد 4418
الأربعاء 18 نوفمبر 2020
banner
عمود أكاديمي د. باقر النجار
د. باقر النجار
الأمير خليفة بن سلمان: رحيل رجل الدولة ومؤسسها
الأربعاء 18 نوفمبر 2020

لربما تقف الكلمات وكل ما سطر وقيل عاجزًا عن الإيفاء بحق هذا الرجل وعطائه للمجتمع البحريني. إذ يمثّل سمو الأمير خليفة بن سلمان أحد أهم الشخصيات القيادية في تاريخ البحرين الحديث والمعاصر، إذ يبقى الراحل يمثل بحق مؤسّس للدولة الحديثة ومُشكّل مساراتها والشاهد على كل تحولاتها المفصليّة منذ ستينات القرن الماضي حتى الآن. وقد لا أكون مبالغًا عندما أقول إن كل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي جاءت على المجتمع البحريني قد مثلت رؤاه وتطلعاته في أن يكون للبحرين مكانة رفيعة في هذا العالم.

  لقد عرف القائد الراحل الناس كل الناس يذهب إليهم حيث هم ويأتون إليه. لقد عرف كل الأسر البحرينية وتلك التي قطنت البحرين وأصبحت بفعل الزمن والاندماج جزءًا من نسيج هذا المجتمع، لقد عرفهم بكل مواقعهم الطبقية والاثنية والدينية والقومية.. فقد كان قريبًا من عرب البحرين كما هم عجمها. وكان يصل سكانها من السنة كما هم شيعتها، ويستمع لشكواهم، ويلبي حاجاتهم ويحل مشاكلهم... وأتقن فن التواصل معهم كما هو مع كل قطاعات المجتمع البحريني الأخرى باختلاف أديانهم وأعراقهم. وعكس مجلس سمو الأمير خليفة الأسبوعي طبيعة العلاقة التي ربطته بالناس وارتبطوا به... وهو مجلس يمثّل هذا التنوع وهذه الخبرة بالناس والمجتمع..

كما ويعود إليه الفضل في نشأة الطبقة الوسطى الجديدة من خلال سعيه الحثيث على تعميم الخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة والإسكان... وغيرها لكل الناس في مناطقهم المختلفة.. بل وأحرزت البحرين، بفعل كمِّ ونوعِ هذه الخدمات، على مدى سنوات، موقعًا متقدمًا في مؤشر التنمية البشرية على المستوى العالمي والمركز الأول في المنطقة العربية. كما وحرص سموه على أن تتولى هذه الطبقة قيادة مؤسسات الدولة والقطاع الخاص...لقد كان سموه مؤمنًا بقدرة البحرينيين كل البحرينيين على العطاء والتميز في الإدارة والمعرفة.. وأن هذا الشعب بفعل ما يمتلكه من قدرات وطموحات لهو قادر على الولوج لمجتمع المستقبل في إمكانياته وقدراته المعرفيه والتكنولوجية والبشرية.

وبفضل رؤاه عرفت البحرين المشاريع الاقتصادية الكبيرة كمشروع ألبا والحوض الجاف ومشاريع الصناعات البترولية والبتروكيمائية... وغيرها وهي مشاريع وفّرت للبحرينيين فرصًا للعمل والترقي والصعود الاجتماعي...

لقد أكسبت الحياة والخبرات سمو الأمير خليفة بُعدًا في البصيره وفهمًا عميقًا بسلوك الناس ومتطلبات وآليات عمل الدولة. فهو وإن ربطته بالناس والمجتمع نمط من العلاقات الإنسانية الطبيعية، فإن إدارته للدولة قد تميّزت بالصرامة والأخذ بأسباب القوة البشرية والمعرفية في جانب والتسامح وتجاوز العقبات في جانب آخر.

وبرحيل سموه فإن البحرين سوف تفتقد لقائد فذ وسياسي حكيم... إلا أن مسيرة التطور مستمرة بقيادة ملك البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى قائد المسيرة والدافع نحو التحولات السياسية والاقتصادية الكبيرة التي شهدتها البحرين خلال العقدين الماضيين، ويدعم هذه المسيرة الطموح الكبير في التنمية والصعود الاقتصادي من قبل ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد... وأن البحرين بفضل القيادة التي أنعم الله بها عليها، لهي موعودة بتطورات اقتصادية واجتماعية مستقبلية كبيرة تنعكس خيرًا على المجتمع بكل أفراده وقطاعاته بشكل عام.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .