العدد 4416
الإثنين 16 نوفمبر 2020
banner
سيدي الراحل “خليفة بن سلمان”.. ترى، بأي المفردات نرثيك؟
الإثنين 16 نوفمبر 2020

كأن نورًا يملأ أرجاء الروح غاب عنا، فأظلمت القلوب بسحابة الحزن.. مغيب ذلك النور المهيب الماثل في الوجدان هو رحيل المغفور له بإذن الله تعالى، سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه، وجعل الجنة مثواه.. كم هي مفجعة لحظة انتظار النور فلا يبزغ! مؤمنون بقضاء الله وقدره وحكمته ومشيئته جلّ في علاه.. راضون بما كتبه الله لعباده في الشدة والرخاء.. هو أمر الله الذي لا راد لأمره وقضائه، إلا أن العيون حين تدمع، والقلوب حين تتوجع، والأرواح حين يغادرها نور الفقيد الكبير، تحاصرها تلك المشاعر التي تتوالى حزنًا حينًا، ودعاءً أحيانًا أخرى بأن يتغمد الله فقيدنا الكبير وحبيب قلوبنا ومجد وطننا “خليفة بن سلمان” في رفيع درجات الجنان.

بين ذرف الدموع وكلمات التعازي ومعاني المواساة، يحتار كل من أحب “خليفة بن سلمان” في اختيار المفردات التي تنساب في مضامين الرثاء.. كانت القلوب تنتظر لحظة من لحظات الإشراق لذلك النور السامي وهي تترقب رحلة العلاج.. تفرح حين تأتي أنباء تطمئن لها النفس.. تتوجّس حين يكون الحبيب على فراشه الأبيض متعبًا مرهقًا.. ثم تعود لتطمئن بأصدق الدعوات وأخلصها لأن ينعم الله سبحانه وتعالى بالشفاء على من أحببنا.. ولله الحمد والشكر من قبل ومن بعد، فهو ربنا أرحم الراحمين، والأجل في ميعاده المقدر، آت لا محالة.. نحتار كيف نرثيك سيدي “أبا علي”.. وفي كل لحظة من لحظات حياتك مع شعبك الوفي، وفي كل همسة من همسات الروح في العرفان بجمائلك التي لا تحصى ولا تنسى.. وفي كل يوم يعلو فيه صرح هذا الوطن بعطائك المجيد.. في كل تلك اللحظات، يسمو حبك في قلوبنا، وتعيش فيها أبدًا ولا تغادر القلوب.

صاغت أفئدتنا حروفها الحزينة بالتعازي إلى أنجالك وأحفادك وإلى عموم عائلة آل خليفة الكرام.. مذ بلغنا خبر رحيلك، والبحرين من أقصاها إلى أدناها بل وفي كل بلدان العالم التي عرفتك “قائدًا عظيمًا فذًّا”، أحاطها الحزن والأسى، لأنك الرمز الذي عرفه الجميع بتفانيه من أجل بناء ونهضة بلاده، ومن أجل كل الأوطان وكل الشعوب وللإنسانية قاطبة، وهذا سجلك العامر هو أكبر دليل على إيمانك الكبير بدور القائد الذي يجتاز عطائه حدود المكان والجغرافيا.. ليدون اسمه في ديوان القادة العظام.

سيدي “أبا علي”.. رحلت.. وأي رحيل أفجع أسرتك وأحبتك في بيتك “البحرين”.. هذا البيت الذي منحته من الحب والإخلاص والوفاء والعشق ما جعله بيتًا له المقام الرفيع بين الأمم، إنها عقود من البناء الكبير، منذ عهد سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، إلى عهد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه وأطال عمره، وسجل البحرين حافل وشاهد بأنك أيها الراحل الكبير “أبا علي”، السند والعون ورجل الدولة الذي لم يشغله عن الارتقاء بوطنه شاغل.. ولم يتعبه مرور السنين وتوالي الحقب من أن يواصل مسيرة النهضة الشاملة بحكمة المقتدر وشموخ القائد ووفاء الأب الحاني على كل أبنائه.. حتى في رحلة العلاج التي أسدل ستارها برحيلك.. وقلبك ينبض بالسؤال والاطمئنان على الوطن وأهله.. سيدي “أبا علي”.. نم قرير العين.. فخير خلف تركت من أبنائك وأحفادك يواصلون مسيرة النهج النير المعطاء.. وجميع أبنائك في هذا الوطن الغالي سائرون على درب تضيء فيه حروف اسم “خليفة بن سلمان”.. وستبقى القلوب ما حيت وهي تلهج إلى الله سبحانه وتعالى لأن ينعم عليك بنعيم الفردوس الأعلى.. إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. عظم الله أجرك يا “البحرين”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .