+A
A-

منصور سرحان: خليفة بن سلمان ضحى من أجل البحرين

فجع المجتمع البحريني ظهر الأربعاء 11 نوفمبر 2020م بنبأ وفاة المغفور له باذنه تعالى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، الرجل الذي ضحى بحياته من أجل البحرين. ويعد رحيله خسارة كبرى لنا جميعاً، فهو أحد القادة العظام الذين سيسجلهم التاريخ بأحرف من نور.

فبمجرد انتشار خبر رحيل سموه إلى الرفيق الأعلى خيم الحزن على جميع أبناء المجتمع البحريني، وسادت لحظات الصمت والتأمل، والشعور بالحسرة والألم على فراقه. فهو صاحب المواقف الصعبة والمهمات الكبيرة، وقد نذر نفسه من أجل عزة وكرامة البحرين. 

لقد حظيت مملكة البحرين في تاريخها المعاصر بشخصية سموه التي تتجسد فيها السجايا الحميدة، والقيم العربية الأصيلة، وكرم الأخلاق والتسامح والتواضع الجم مع علو مكانته وسمو منزلته.

ان بصمات سموه المتمثلة في العمل المستمر والدؤب على تطوير البحرين وجعلها تأخذ مكانتها اللائقة بها بين دول العالم، لن تنسى وستبقى خالدة في ذاكرة الوطن تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل. فقد استطاع سموه بما حباه الله من فكر نير ومواهب وصفات وقدرات غير عادية .. استطاع عبر سنوات متواصلة من العمل الجاد والمضني أن يحول البحرين التي كانت حتى عقد الخمسينيات من القرن المنصرم ضعيفة في بنيتها التحتية والاقتصادية، بخاصة وانها لم تكن تملك ثروات خام بكميات كبيرة كالنفط والغاز كما في الدول الخليجية المجاورة .. بل كانت ثروة البحرين الوحيدة آنذاك هو خليفة بن سلمان، الذي استطاع برجاحة عقله وحسن تدبيره أن يحدث معجزة تمثلت في تحويل البحرين إلى جزيرة خضراء يعمها الرخاء والازدهار، وذات بنية تحتية صلبة، واقتصاد واعد، وتنتشر في ربوعها المباني الحديثة الشاهقة، وتتزين تربتها بمدن وقرى حديثة ومتطورة لدرجة أن زائر البحرين لا يمكن له أن يفرق بين مدينة وقرية. وتم ربط مدن البحرين وجزرها بجسور معلقة بنيت على أحدث تصميم هندسي، كما ازدهرت الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية بشكل لا سابق له.

نعم خليفة بن سلمان ضحى بحياته من أجل البحرين من خلال تحمله العديد من المسئوليات عبر سني حياته، حيث لم يهدأ له بال، ولم ينعم بالراحة وذلك من أجل توفير الراحة والرفاهية لجميع أبناء المجتمع البحريني. فقد تحمل وهو في ريعان شبابه مسئوليات جسام في عهد والده الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البلاد حينذاك. فقد ترأس مجلس المعارف في أواسط الخمسينيات من القرن العشرين، وكان أخر منصب كلف به أثناء حكم والده تعيينه رئيساً لمالية حكومة البحرين وكانت تلك مهمة كبيرة.

زادت مسئولياته ومهامه في عهد أميرنا الراحل، الأمر الذي أصبح لا يوجد لديه وقت فراغ ولا حتى وقت راحة. فقد كان يساند أمير البلاد الراحل في جميع توجهاته لبناء الدولة الحديثة بمؤسساتها. وعندما انتهى عهد الحماية البريطانية في عام 1971م زادت مهماته بتعيينه رئيساً لمجلس الوزراء. واستطاع بحكمته وصلابة إرادته ورجاحة عقله أن يتخطى جميع الصعاب وأن يجعل للبحرين المكانة اللائقة بها بين الدول.

كانت البحرين على موعد مع التطور والازدهار في جميع مجالات الحياة، عندما خطا صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى خطواته الكبيرة والجريئة المتمثلة في تحويل البحرين إلى مملكة دستورية وجعلها دولة القانون والمؤسسات من خلال تبنى جلالته حفظه الله ورعاه مشروعه الإصلاحي الذي لازلنا نقطف ثمار ذلك المشروع .. كان سمو الأمير خليفة بن سلمان أول المباركين والداعمين لخطوات جلالة عاهل البلاد المفدى.

هكذا كانت إنجازات سموه طيب الله ثراه طوال سنى حياته، عطاء بلا حدود وخطوات باتساع الأفق .. فقد ضحى بوقته وصحته وسهر الليالي من أجل رفعة البحرين وعزتها .. ورحل إلى عالم الخلود.