العدد 4405
الخميس 05 نوفمبر 2020
banner
الشيعة والقضية الفلسطينية
الخميس 05 نوفمبر 2020

نشر الأخ العزيز الأستاذ عبدالنبي الشعلة مقالا بعنوان “الشيعة والقضية الفلسطينية” في يوم الأحد 18 أكتوبر 2020 واحتوى على أحداث تاريخية عن اهتمام وتفاعل الشيعة العرب والشيعة الإيرانيين مع القضية الفلسطينية حتى ظهور الإمام آية الله الخميني ووصوله إلى السلطة في عام 1979، لذا أود أن أضيف بعض الحقائق باختصار وهي:

كانت ومازالت أغلب الطوائف الشيعية الإيرانية والعربية وخاصة الإثنا عشرية “الإمامية” والتي تنسب إلى الإمام جعفر “الملقب بالصادق” بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكذلك الزيدية المنتشرة في اليمن والتي تنسب إلى الإمام زيد “الملقب بالشهيد” بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مهتمين ومتفاعلين مع القضية الفلسطينية منذ بدايتها ولم يتخلفوا عن دعمها وأما باقي الطوائف الشيعية الأخرى فهي من الأقليات واختارت كما قال الاستاذ الشعلة الانشغال بقضايا العلم والمال والتجارة وهم من الطوائف المسالمة والمتسامحة ولا تتدخل في أمور السياسة.

كانت ومازالت جميع الدول العربية بلا استثناء تدعم وتساند القضية الفلسطينية وتعتبرها من أهم القضايا المركزية والمحورية بالنسبة للأمة العربية ومن ضمنها دول التطبيع التي أعلنت وتصر على أن خيار السلام لن يكون على حساب القضية الفلسطينية وأن معاهدة السلام تتضمن موافقة إسرائيلية بوقف ضم الأراضي الفلسطينية مما يشكل إنجازا وخطوة مهمة في اتجاه السلام ويحقق المطالب التي أجمعت عليها الدول العربية والمجتمع الدولي وهي من الأهداف التي وردت في مبادرة السلام العربية للتوصل إلى حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية وأن مواقفها راسخة في دعم كل الجهود لقيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والتي اقترحتها الجامعة العربية عام 2002 بتطبيع العلاقات مع إسرائيل من جانب الدول العربية كجزء من حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في إطار مبادرة السلام العربية.

استكمل فتح الشام في عهد الخليفة الثالث “ذو النورين” عثمان بن عفان وليس في عهد الخليفة الثاني “الفاروق” عمر بن الخطاب حيث ولى عمر بعد وفاة أبو عبيده بن الجراح (رضي الله عنهم) خلال طاعون عمواس عبد الله بن قيس الحارثي على السواحل ومعاوية بن أبي سفيان “الذي كان واليا على الأردن”على دمشق وكان واليها قبل أن يتوفى بالطاعون يزيد بن أبي سفيان وولى عمر عياض بن غنم على حمص وقنسرين والجزيرة وولى عثمان معاوية على الشام كله بعد وفاة عبدالرحمن بن مجرر الكنافي والي فلسطين واستقالة عمير بن سعد الأنصاري والي حمص وقنسرين لمرضه.

مهما اختلفت الآراء السنية والشيعية عن معاوية بن أبي سفيان فهو ليس شخصية عادية وله أدوار ومساهمات مهمة في الشئون الإدارية والقتالية وتعامل مع مؤيديه ومخالفيه بحكمة مما مكنه من توحيد الأمة الإسلامية خلال فترة عصيبة بما عرف بعام الجماعة وأسس الدولة الأموية والملك العضوض لأسباب لا مجال لذكرها في هذا المقال وكانت عاصمتها مدينة دمشق وواصل الفتوحات الإسلامية التي توقفت منذ مقتل عثمان وواصل عليها عبدالملك بن مروان مؤسس السلالة المروانية وجهوده وجهود أبنائه معروفة وتواصلت الفتوحات في عهد أبنائه الوليد وسليمان وبلغت الدولة الأموية ذروة اتساعها في عهد الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك لتمتد حدودها من أطراف الصين شرقاً حتى جنوب فرنسا غرباً وتمكنت من فتح أفريقية والمغرب والأندلس وجنوب الغال والسند وما وراء النهر ولم تستطع أي دولة إسلامية تحقيقه أو المحافظة عليها في فترة قصيرة امتدت حتى 88 سنة شمسية وتعادل 91 سنة قمرية ( 41 هـ - 132 هـ/‏‏ 622 م - 750 م) 662 - 750 م) ومن دون إدخال مدة خلافة الدولة الأموية الثانية في الأندلس).

كانت روح القومية العراقية واضحة في الاستقلال عن الحكم البريطاني وتأسيس حكومة عربية من خلال مشاركتهم في ثورة 1920 بخروج العراقيين عن بكرة أبيهم وبكل مكوناتهم فى مظاهرات سلمية ضد الاحتلال للمطالبة بالاستقلال وسرعان ما تحولت إلى ثورة مسلحة نتيجة ممارسات الاحتلال القمعية وتوحد الشعب العراقي تحت قيادة شعبية موحدة تحت إشراف المرجعية الدينية بقيادة المرجع الأعلى محمد تقي الحائري الشيرازي الذي أعطى فتواه بالإذن الشرعي بالجهاد وإعلان الثورة وشارك فيها القبائل العربية السنية والشيعية والشيخ شعلان بن عناد أبو الجون رئيس عشيرة الظوالم وبسببه انطلقت أول رصاصات الثورة والشيخ ضاري بن محمود الزوبعي الذي يعد أحد أبرز رجال الثورة واستمرارها وهو الذي أجهز على العقيد البريطاني ليتشمان الذي قال له في أحد الاجتماعات السابقة: “لا تذكر شيعة وسنة، إننا أصحاب دين واحد وعرق واحد وكلمة واحدة وإننا مجمعون على تشكيل حكومة وطنية” ومثل الشيخ ضاري التحالف الوثيق بين السنة والشيعة والمسيحيين والتركمان والأكراد وامتزجت دماؤهم في وقفة موحدة عكست روح المقاومة الوطنية الشاملة وهو خال الرئيسين السابقيين عبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف.

وقد سبق ثورة عام 1920 مقاومة شعبية عندما أصدر المرجع الديني الأعلى الشيخ محمد كاظم اليزدي أول فتوى للجهاد في العصر الحديث ضد الاحتلال البريطاني في عام 1914 حيث قبل هذا التاريخ لم يفت أي عالم من علماء الشيعة بعد غيبة الإمام المنتظر أي فتوى للجهاد في العصور المتعاقبة وقاد المجاهدين السيد محمد سعيد الحبوبي.

شارك الشيعة مع أخوانهم السنة في معارضة قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين في عام 1947 والخروج في المظاهرات التي خرجت في شوارع البحرين وأما الأحداث المؤسفة من اعتداء على معبد اليهود وعلى ممتلكات عدد من اليهود المقيمين في البحرين ونهبها فقد كانت من أشخاص مندسين وتصدى لها الكثير من المواطنيين السنة والشيعة ومن قادة المسيرة الذين هبوا لحماية اليهود واعتذر قادة المسيرة عن تلك الأحداث المؤسفة وقام اليهود بإصدار بيان عن معارضتهم قرار التقسيم.

شارك رجال الدين الشيعة والشعب الإيراني في دعم القضية الفلسطينية قبل ظهور الإمام الخميني ووصوله إلى السلطة في عام 1979 فرغم مواقف الحكومة الإيرانية السلبية أيام رضا شاه إلا أنها شاركت في أعمال المؤتمر الإسلامي الذي دعا إليه الحاج أمين الحسيني بعد حادثة البراق في عام 1929 وعارض رئيس الوزراء سيد ضياء الدين طبطبائي آنذاك قرار تقسيم فلسطين وتضامن مع العرب والفلسطينيين وكانت إيران ضمن سبع دول في اللجنة الخاصة للأمم المتحدة من أجل فلسطين وضمن الدول الثلاث عشرة التي صوتت ضد قرار التقسيم رقم 181 في نوفمبر 1947 وعارضت قرار إنضمام اسرائيل الى الأمم المتحدة في عام 1949 ولكن رئيس الوزراء محمد سعيد آنذاك أرسل بعثة دبلوماسية إلى تل أبيب في فبراير 1949 ليتم الاعتراف بالأمر الواقع في مارس 1950 ولكن إيران تراجعت عن تلك الخطوة بعد 15 شهرا لتزايد المعارضة القوية من الشعب الإيراني ورجال الدين فقد كتب آية الله أبو القاسم الكاشاني والذي يعتبر أحد أهم المراجع الدينية الشيعية في مدينة قم في بيان أصدره فتوى شرعية معترضا على الاعتراف بإسرائيل وقال: الاعتراف بإسرائيل هو تأييد للعدوان الذي يحدث على العرب المسلمين والمسلمين غير العرب وبعد أقل من شهر أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان رسمي بتاريخ 7 يونيو 1951 في برقية إلى قنصليتها في تل أبيب والقدس المحتلة أن أي من أشكال التمثيل الإيراني في إسرائيل ممنوع ابتداء من اليوم بأمر من مصدق ولكن بعد انقلاب عام 1953 زاد الشاه علاقاته مع إسرائيل وطبعها سرا في عام 1958 واعترف بها رسميا في 23 يوليو 1960مما دعا الرئيس جمال عبدالناصر إلى إغلاق سفارة مصر في طهران وقطع العلاقات الدبلوماسية مما زاد الخلاف بينهما حتى هزيمة 5 يونيو 1967 ولكن هناك حقيقة تاريخية يجب ذكرها بأن الشاه تعاطف في البداية مع قرار عبدالناصر في تأميم قناة السويس وعارض استخدام القوة ضده وخرج الشعب الإيراني في مظاهرات ضد العدوان الثلاثي في عام 1956 وضد زيارة الفريق الرياضي الاسرائيلي في عام 1963 وقد عارض أغلب الإيرانيون ورجال الدين الشيعة توجه الشاه نحو إسرائيل واعتبروه معاديا للإسلام واهتموا أكثر بدعم القضية الفلسطينية والتقارب مع العرب من خلال التواصل بين مرجعين كبيرين من أكبر مراجع العالم الإسلامي وهما سماحة آية اللَّه العظمى السيد محمد حسين البروجردي المقيم حينها بمدينة قم في ايران وفضيلة الإمام الأكبر الشيخ عبدالمجيد سليم شيخ الأزهر وكما حدث تقارب بين الشاه وجيرانه العرب والقضية الفلسطينية بعد هزيمة يونيو حيث صرح الشاه بأن عهد الفتوحات والسيطرة على الأرض انتهى وعلى إسرائيل أن تخلي كافة الأراضي التي احتلتها ومن بينها القدس وقد ساهمت دولة الكويت والمملكة العربية السعودية في حدوث تقارب بين عبد الناصر والشاه الذي كان له دورامهما في دعم ونجاح المؤتمر الإسلامي رغم التلاسن الذي حدث في بدايةالجلسة بين الشاه ومحمد أنور السادات نائب عبد الناصر ولكن السادات القى قصيدة بالشعر الفارسي استحسنها الشاه وصفق لها مما ساهم في حدوث انفراج وتقارب وعودة العلاقات الدبلوماسية في أغسطس 1970 ولكن المنية عاجلت عبد الناصر وبعد تسلم السادات الحكم زاد تقارب الشاه مع الدول العربية والفلسطينيين خاصة خلال وبعد حرب 6 أكتوبر 1973 حيث حاول الشاه في أن يكون له دور في مبادرات السلام من خلال تصريحات صحفية وتلفزيونية اعتبرتها إسرائيل عدائية حيث اعترف الشاه بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للفلسطينيين وحق العودة وقيام دولة مستقلة لهم ودعم الحل السلمي لتحقيق حقوق الفلسطينيين في حين أنه كان يصفهم في السابق بمخربين وارهابيين.

دعم الشاه الامام موسى الصدر مؤسس حركة المحرومين التي عرفت باسم “أمل” وكانت حركة كشفية تحولت إلى أفواج مقاومة بدعم من السيد ياسر عرفات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية