إحدى المحطات المهنية التي طالما أحببتها بل يمكنني القول إني عشقتها ولاتزال تمثل لي المهنة الأكثر جاذبية بعد العمل الإداري هي مهنة التدريس التي مارستها لأكثر من عشر سنوات تدرجت خلالها من المرحلة الابتدائية إلى الإعدادية وآخرها المرحلة الثانوية.
أستطيع القول إن أهم التحديات التي تواجه المعلم ليس فقط مدى تمكنه من المادة العلمية التي يدرّسها وإنما التحدي الحقيقي هو كيفية إيصال هذه المادة إلى طلابه. أقصد هنا مدى إلمام المعلم بطرق التدريس المناسبة لكل مادة ولكل مرحلة عمرية، حيث يستطيع أن يجعل المنهج الدراسي مادة مشوقة للطالب ويسهل عليه فهمه واستيعابه.
أستذكر في هذه المناسبة مقولة كان يكررها علينا أحد المحاضرين خلال دراستنا الجامعية، كان يقول إن الكتاب المدرسي مادة جامدة لا حياة فيها والمعلم الناجح والماهر هو من يبعث الروح في تلك المادة ويقدمها للطالب بأسلوب مشوق وجاذب بحيث يجد هذا الطالب نفسه يشارك معلمه في تقديم وشرح المادة وطرح الأسئلة. هذا هو التحدي في رأيي.
في هذا المساق يقول د.غازي القصيبي رحمه الله “لا يمكن للمادة أن تكون مفيدة ما لم تكن مشوقة ولا يمكن أن تكون مشوقة ما لم تكن مبسطة ولا يمكن أن تكون مفيدة ومشوقة ومبسطة ما لم يبذل المعلم أضعاف الجهد الذي يبذله الطالب”. انتهى. إليك سيدي القارئ هذا الموقف الذي ربما يعكس ما ورد آنفًا.
خلال فترة تدريسي للغة الإنجليزية في المرحلة الثانوية كنا نستعير بعض الأفلام التعليمية من أحد المعاهد الأجنبية المتخصصة في تدريس هذه اللغة ونعرضها لطلابنا. كنا نراعي أن تكون تلك الأفلام تحاكي مستوى الطلاب وتقدم لهم المادة العلمية بأسلوب مبسط ومشوق وعملي. أسهمت تلك التجربة في زيادة شغف الطلبة لتعلم اللغة، ودفع هذا الشغف بعضهم إلى إصدار مجلة حائط لرواد ما كنا نسميه بالنادي الإنجليزي في المدرسة والذي كان يرتاده الطلبة في أوقات فراغهم، إضافة إلى إلقاء الكلمات في طابور الصباح وأنشطة أخرى.
في هذا الإطار يقول د.القصيبي ’’إن المدرس الذي يستطيع تبسيط المنهج يفتح أمام الطالب آفاقًا جديدة من المعرفة ويحثه على الاستزادة منها‘‘. انتهى ما رأيك سيدي القارئ؟