العدد 4253
السبت 06 يونيو 2020
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
خزانة الذهب من التصفير إلى التعمير
السبت 06 يونيو 2020

عندما نعمل جميعا في ترسيخ الشفافية التي أسسها جلالة الملك عبر ديوان الرقابة المالية والإدارية، فإننا بذلك نعطي صورة حضارية عن البحرين ومدى أهمية قيم الدولة المدنية في ترسيخ جمالية تنوع العدالة وفي كل الوزارات، ودورنا في الصحافة أن نعمل على تحريك الحبر والمحبرة والدواة في دعم الإنجازات ونقد الإخفاقات للوزارات. أنا أعلم عندما أكتب بشفرة حلاقة سيكون هناك وجع وصراخ، فبحجم الجرح يكون النزف، وبحجم الوجع تكون الصرخة.

وهنا نبدأ بلغة الأرقام والمساءلة لنستمر في النزف أولا: لقد تم تنفيذ مشروع صيانة مسجد الشيخ عزيز بكلفة إجمالية بلغت نحو 476 ألف دينار، فهل هذا المبلغ يتناسب مع ما تم من صيانة لهذا المسجد الذي أصيب بتشوه في الجمجمة؟ ولماذا تنوع المناقصات؟

لماذا استمرت الإدارة في تسجيل المبالغ المستلمة من المستأجرين المنتهية عقودهم في حساب التأمينات المسترجعة للغير، ولا تقوم بتسجيلها في حسابات الأوقاف المعنية بها إلا عند تجديد العقد مع المستأجر، إذ ارتفع رصيد الحساب من 1.1 مليون دينار إلى 1.6 مليون دينار، في الفترة أبريل 2016 - مايو 2017؟ فهل هذه حضارية التقنية الحديثة التي صدعتم رؤسنا بها وهل هكذا يحفظ الوقف وأمواله؟ ولماذا قامت الإدارة السابقة بتنفيذ بعض الأعمال واستلام بعض المواد قبل إبرام اتفاقات مع المقاولين والموردين، فهل بذلك تحفظ حقوق إدارة الوقف؟ فكيف تسبق العربة الحصان؟

وأين موقف الإدارة، إذ لم تتخذ إجراءات قانونية لاستعادة الأراضي المتعدى عليها، وعددها 19 أرضا، ومطالبة مستغليها بالتعويضات المناسبة، واكتفت بإرسال خطاب في يونيو 2017 لمطالبة أحد المتعدين على 7 أراضٍ لإرجاعها، ولم تتخذ أي إجراءات حيال بقية المعتدين؟ لماذا إجراءات على بعض دون بعض أم إن وراء الأكمة ما وراءها، فهل هناك طبقية حتى المتعدين؟ أليس منطق الشفافية والنزاهة طرح المناقصات؟ فلماذا الإدارة استمرت في شراء مواد وتنفيذ أعمال بالأمر المباشر بدلا من طرحها في مناقصات؟ وهذا كلام ديوان الرقابة يا حبايب! ويا لعبقرية الموقف ونزاهة وشاح الخطوة مع مبنى منطقة السيف اليتيم، ويا لحظ المسجدين ونصيبهما!

فالأوقاف وبشهادة تقرير ديوان الرقابة أن الأوقاف الجعفرية قامت باستئجار أحد المباني بمنطقة السيف الموقوفة لصالح مسجدين، وذلك لمدة 5 سنوات، تبدأ من 1 يناير 2017 بمبلغ 417 دينارًا شهريًا، فهل هذا المبلغ التافه كقشرة موز يتناسب لاستئجار مبنى ضخم تم تأجيره سابقا بأكثر من 16 ألف دينار في شهر؟ هذا موقع إستراتيجي ضخم وبحجمه المكون من 4 طوابق ومواقف سيارات، ويساوي نسبة 2.5 % فقط من مبلغ الإيجار الذي كان يدفعه المستأجر السابق البالغ 16482 دينارًا شهريًا؟ مبنى يؤجر سابقا بأكثر من 16 ألف دينار شهريا يتم تأجيره بـ 417 دينارا، ثم تدبج الخطب والحناجر لرفع مناديل النواحة في مقبرة الأوقاف بأن هناك تنمية في الوقف، فهذا غير صحيح. هل من المنفعة الوقفية أن تقوم الإدارة باستئجار مبنى بـ 417 دينارا، في حين كان يؤجر لإحدى وزارات الدولة شهريا بما يفوق 16 ألف دينار؟ ثم ماذا عن مكرمات جلالة الملك - حفظه الله - للمآتم التي تحول بعضها إلى كتب لا تخدم الوقف، بل طباعتها تصرف مسار هذه الأموال لما أريد لها؟ ثم هل للإدارة وهي تبكي وجع الظلامة وتمثيل دور الضحية أن تعرض للجمهور الكريم أسماء الشركات المستفيدة من المطبوعات، وبعض المناقصات من الأثاث إلى الكتب إلى المحارم الورقية إلى أدرع التكريم التي بالآلاف لنرى أسماء القرابة الواحدة؟ تقصي الأسماء وحجم المناقصات وأسعارها، وكم الأرباح ومن الرابح فيها يقود إلى تعزيز الشفافية، فهل هذا يعد معجزة أم يحتاج إلى خطاب الأسطورات الإغريقية؟

كل مال أخذ بغير حق يجب أن يرجع. كل مناقصة تمت وأجحفت حق الوقف يجب أن تحاسب. كل إنسان انتفخ على حساب الإمام يجب أن يحاكم، فكما حوكم الصغار لابد من محاكمة الكبار لتكتمل العدالة. كل مأتم تمت التجاوزات عليه من سترة إلى المنامة إلى الهملة إلى بني جمرة إلى كرزكان يجب أن تعاد دراسته، وتعاد له الحقوق ويحاسب من أمر، ومن استفاد ومن تجاوز ومن هدر، تماما كما ابتدأت وزارة العدل في المحاسبة لموقف تشكر عليه. أنا أطالب بإعادة التحقيق وكلنا ثقة بوزارة العدل ووزيرها العزيز في تغيير المشهد.

بعيدا كل منطق إشعال الحرائق في ملفات الأوقاف، كل الهدف من كل هذا الاشتعال والصرخة المدوية هو إرجاع أموال الوقف بمنطق قانوني ومحاسبة أي شخص تثبت عليه التهمة، وعندما نؤسس لذلك، سنحفظ الوقف مستقبلا وتعيد تضخيم أموال الوقفيات بعد إرجاع المبالغ، وهذا هو المؤلم من الجميع حكومة ومجتمعا ومجلس إدارة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .