العدد 4207
الثلاثاء 21 أبريل 2020
banner
الأصم والأعمى والأخرس... والجمعيات الغائبة
الثلاثاء 21 أبريل 2020

خلال الأيام الماضية والبحرين تعيش أزمة كورونا العالمية، ظهرت وجوه أشبه باللؤلؤ، بل أكثر صفاء وأكثر عمقا وأكثر حقيقة، والبطولة والتضحية تلمعان من أعينهم، حيث خدموا الوطن بلا حدود متحدين متضامنين لإزالة أية عوائق تحول دون نجاح البحرين في التصدي لكورونا. وجوه وطنية اشتغلت في مجالات أوسع وأرحب من مجالاتهم من أجل الوطن وحتى نستوفي جميع الشروط الضرورية التي تكفل لنا الانتصار على هذا الوباء، اشتغل من اشتغل من رجال العلم والفكر والأدب والفن وأسهموا بشكل إيجابي في الجهود الوطنية لاحتواء ومنع انتشار فيروس كورونا، بثمرات عبقرياتهم ونتاج نبوغهم وإبداع تصوراتهم، وشاركوا الفريق في كل خطوة ولم يبخلوا من العطاء. لم يفكروا في استراتيجية تعاون أو تنسيق أو تخطيط لكنهم قالوا بصوت واحد “لبيك يا وطن” في أي موقع تحتاجه.

في مقابل ذلك اختفت وجوه وأصوات وما لديها من ذخيرة عقلية، وكأنها غير موجودة من الأساس، ومعها بعض مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات، خصوصا تلك الجمعيات التي تعطي امتيازات سريعة للخطابات وتحترف التنظير في كل مناسبة، وتثرثر عن أهدافها المرتبطة بالقضايا الجماهيرية، فيحق لنا أن نتساءل، أين أنتم ولماذا أصبحتم في هذا الوقت بالذات مثل الأصم والأعمى والأخرس، لماذا تحولتم إلى مجرد فرشاة ترسم لوحة سريالية، ما قيمة جمعياتكم إذا لم تقف مع الوطن حتى لو بالقليل على أقل تقدير، مثل التطوع بتعقيم بعض الطرقات والشوارع والأحياء أو إنتاج الأفلام التوعوية القصيرة وكثيرة هي الأفكار التي تعمق الشعور بالمسؤولية الوطنية تجاه المجتمع، المهم أن أكون موجودا وتلحظني العين العادية “اسم ومسمى” بشجاعتي وحبي للوطن، بدل الجلوس في الطوابق العليا والتفرج بصمت.

ما يحيرني بالفعل هو اختفاء البعض ممن كان مسكونا بالثرثرة عن الوطن والمسؤولية “أفرادا وجمعيات”. يقول بيت الشعر “ما لي أرى الصمت قد غامت سحابته... على النفوس، وهذا الصوت لم يجب، حقيقة، أنا من دنيا متاهتها...  مشرد اللب بين الشك والعجب”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .