العدد 4173
الأربعاء 18 مارس 2020
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
هل تكونُ الكورونا نقطة التحوّل؟!
الأربعاء 18 مارس 2020

في شهرين أو يزيد قليلا؛ دخل العالم كله تحت موجة الكورونا، كقدر نزل بلا مقدمات، أو استئذان! كورونا الإعصار، تجتاح في سرعة (مكوكية) مساحات واسعة من الكرة الأرضية، لدول عظمى معروفة بالهيمنة الدولية؛ اقتصاديًا وسياسيًا! فأخذت ترمي بشررها، ونارها، وسعارها على الدول والمجتمعات الصغيرة؛ حتى وصلت إلينا في عقر دُورنا! فكان أنْ أصبح كلُ واحد منا مصابًا بهذه الكورونا الوبائية؛ فإِنْ لم تَطله بشكلها المرضي المباشر؛ فإنها نجحت – ولاشك - في إحداث آثار كبيرة في نفسه، وعقله، وشعوره، وفي علاقاته؛ الأسرية، والعملية، والمجتمعية.


الجميع منا؛ كبيرنا وصغيرنا مشغول بالكورونا! بعضنا يتابع - في ذعر وهلع - آخر مستجداتها، وحالة من الرعب تسيطر عليه، ولاسيما في ظل انتشار ظاهرة التخويف والمخوّفين! وبعضنا الآخر – لن تصدقوا - يعيش عبثًا، ودراما حقيقية، وحالة فيلمية مفتوحة أقرب إلى الخيال العلمي! يتخيل نفسه إحدى شخصيات الفيلم؛ فيُسرّب أو ينشر - في استمتاعٍ غريب - الأحداث، وتطورها، وتعقدها، يتناقل أخبار اشتداد صراعاتها وارتفاع أرقامها، و(الأكشنات) أو القرارات والتحركات الدولية! بعضنا دخل إلى عالم المحللين بأنواعه، يعلق على (الطالعة والنازلة)؛ كخبير (فلتة) متخصص! فاختلط علينا الحابل بالنابل: كلام الأطباء، بالاقتصاديين، بالسياسيين، بالمنكِّتين (أصحاب النكت)، بالمنظِّرين (أصحاب النظريات)! حتى ضاع السمين من الأخبار في حَشَفهِ البالي؛ مما لا قيمة فيه! وعلى الرغم من ذلك؛ فالجميع لا شغل له سوى (قِص واِلصق) أو (كوبي بيست)، وإرسال!
لا ريب أن العالم كله ونحن منهم، نعيش تشويشًا لم نجربه من قبل! خبرة من نوع مزعج! خططًا وبرامج تعطلت، أو أُوقفت نهائيا! تقيدت تحركاتنا – بشكل أو بآخر – فَتحوّلنا إلى متفرجين، أو مراقبين، ننتظر أن يُغير القدر خططه لصالحنا، وتهدأ الكورونا، أو تفتر، وتُولِّي بعيدا عنا! دخلنا في دائرة (المُسوّفين)، ومشينا في أوعر وأقسى صور البطالة؛ الفكرية، والروحية! انغمسنا في كورونا (المحنة)، ولم نفكر ولو للحظة أنها فرصة نحو (منحة)، بل منح؛ لو قلبنا طاولتها للحظة؛ من شر إلى خير، لو فكرنا بطريقة إيجابية! لو خرجنا قليلا من دائرتها المغلقة، التي نراها حبسًا أو حجْرا لتحركاتنا؛ إلى التفكير باستثمار إمكاناتها الزمنية والمكانية، بشكل مختلف، مميز، وممتع، ونافع، بدلا من هدرها سدىً! لو فعلنا ذلك؛ لأدركنا الكثير من الحِكم الإلهية، ولكننا - للأسف – غارقون في الانتظار العقيم، و(تبطّل) كورونا!


الأزمات تخلق المعجزات؛ لمن يثقون بالله وقدراتهم، أما المتفرجون؛ فلا تزيدهم إلا عجزًا! كل الرجاء أن تكون هذه الكورونا؛ نقطة تحول في حياتنا؛ شعوبًا، ومجتمعات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .