+A
A-

"البحرين" أول صحيفة أسبوعية خليجيا وصدرت قبل الحرب العالمية بـ 6 أشهر

صحيفة البحرين دعت للوحدة الخليجية والعربية ودافعت عن فلسطين

لظهور المطبعة الحديثة بالبحرين أثره المهم في نشأة الصحافة

أكد الباحث في عمادة الدراسات العليا بجامعة البحرين الدكتور علي احمد عبد الله أن الصحافة البحرينية واجهت تحديات كبرى عند نشأتها في العام 1939 على يد الأديب البحريني عبد الله الزايد.

وأضاف خلال محاضرة بعنوان" التحدي والابداع في نشأة الصحافة البحرينية" التي ألقاها في مجلس عبد الله القعود في الرفاع مؤخرا أن نشأة الصحافة البحرينية كانت في العام 1939 بظهور جريدة البحرين على انها أول صحيفة أسبوعية في منطقة الخليج العربي وقد صدرت قبل بداية الحرب العالمية الثانية بستة أشهر.

وتابع: لقد واجهت الزايد العديد من التحديات والصعوبات، استطاع التغلب عليها بطرق إبداعية جعلت مؤرخ البحرين الكبير مبارك الخاطر يطلق عليه نابغة البحرين.

 وأشار د. علي إلى أن عبد الله الزايد وهو ابن الحركة الوطنية الإصلاحية التي تزعمها الشيخ عبد الوهاب الزياني درس الوضع السياسي استطاع تكوين علاقات بأعيان البحرين والمفكرين البحرينيين والعرب؛ بسبب مكانة أسرته، وتجارته، وأسفاره وعلمه، واطلاعه على المتغيرات الدولية، وتميزه الفكري، والثقافي فضلا عن صداقته ببعض أبناء الأمراء في البحرين وعلاقاته بالسياسيين، وقادة الرأي في البحرين وخارجها؛ ومن خلال صلته الوثيقة بأمراء بلاده.

وقال: "قامت جريدة البحرين التي أصدرها الزائد بكل هذا، فكانت صوت الشعب بحق، وكانت اللسان الصادق المُعبر عن آمال البحريني وآلامه، وفتحت صفحاتها لشعرائه وأدباءه، وتناولت القضايا المحلية والعربية، ودافعت عن المواطن وقضاياه، ودعت إلى الوحدة الخليجية والعربية، ودافعت عن القضية الفلسطينية".

أشهر الازمات

 وفيما يتعلق بالتحدي الاقتصادي فأشار د. علي إلى أن هذه الفترة 1929شهدت كساداً وانهياراً كبيراً واستمر في الثلاثينيات وبداية عقد الاربعينيات وهذه الفترة تعتبر من أكبر وأشهر الازمات الاقتصادية العالمية وكان تأثيره مدمرا على كل دول العالم.

 وأضاف كان الزايد تاجر لؤلؤ وقد تأثرت تجارة كذلك باكتشاف اللؤلؤ الصناعي في اليابان قبل بدء الحرب العالمية الأولى. وفي عام (1928)، أصدر المثقف والأديب الكويتي الشهير عبد العزيز الرشيد مجلته "الكويت" الشهرية من البحرين ورغم ثراء ونجاح تجربة مجلة "الكويت" إلا أنها توقفت عام 1930؛ مما جعل الزايد يعيد النظر في مشروعة الأصلي.

وواصل، وعندما درس الزايد التجربة القصيرة لمجلة الكويت وأسباب توقفها. فقد أكتشف أن أسباب تعثرها ثم توقفها تنبع أولا: أنها كانت "الكويت" مجلة شهرية يغلب عليها الموضوعات الدينية والأدبية فقط، بينما كان الزائد، وهو المثقف والناشط السياسي المهموم بأفكار التحرر من الاستعمار والاستقلال، فقد كان الزائد يريد للصحيفة التي يصدرها أن تكون جريدة سياسية في المقام الأول ثم ثقافية في مقامها الثاني. فيما كان السبب الثاني والأهم لتعثرها وجود مشكلة كبيرة لدي صاحبها وهي المال والأهم من المال عدم توفر المطبعة، فقد كان الرشيد يكتب ويحرر المجلة في البحرين أثناء إقامته بها، بينما يقوم بطباعتها في القاهرة.

الإرسالية الأمريكية

أما فيما يتعلق بالتحدي الثقافي  فقال د. علي :"جاء الإرسالية الأمريكية التبشيرية إلى البحرين ولم يكتف المبشرون وخصوصا زويمر بتأسيس المدارس والعيادات والمكتبات، وتعليم اللغة الإنجليزية، وتوفير الصحف والمجلات، والاتصال بالناس في الأسواق والمقاهي، وعقد الحوارات والمناقشات مع أهل البحرين باللغة العربية في أمور الدين الإسلامي، فقد كانوا يجيدون التحدث بالعربية، بل ظلوا يتقصدون الشباب بالأخص المثقفين منهم ومحبي القراءة والاطلاع، كل ذلك كان دافعاً لأبناء البحرين وفي مقدمتهم الزايد وغيره من المصلحين في التفكير في إيجاد طرق ووسائل وأساليب لمحاولة حماية بلدهم، وتوعية المواطنين في جميع الجوانب لذلك أنشئت المدارس ابتداء من عام 1919، وانشأت المكتبات ابتداء من عام 1913. وقد كانت تمثلت وسائل الزايد لتوعية أبناء البحرين، الخليج العربي عموما في مجالات كثيرة أبرزها الصحافة.

مواجهة التحديات

وبحثاً عن حلول مبتكرة زار الزائد العالم شرقا وغربا من الهند إلى باريس، ومن الخليج إلى الشام ومصر وعرف أهمية الصحافة في تلك البلاد، كما عرف أن الصحافة قوة تأثير مهمة لا يمكن الاستهانة بها. وكان الزائد في كل زيارة يقرأ الصحف هنا وهناك، يسأل أصدقاءه المثقفين العرب الكثر، ويطالع تجارب غيره. وكانت أفكار إصدار صحيفة قد بدأت منذ نهاية العشرينيات من القرن الماضي، وبالتحديد بعد عودته من الرحلة الأدبية-التي ضمته مع مجموعة من الأدباء، أمثال: قاسم الشيراوي وتاجر اللؤلؤ عبد الرحمن القصيبي-التي زار فيها بعض بلدان الشام ومصر عام 1928.

وأشار د. علي إلى أن الزائد قسم مشروعه كمشروع كبير للمستقبل إلى قسمين: الأول إنشاء مطبعة تجارية، تمارس مهامها التجارية وتوفر مالاً. والثاني هو إصدار الصحيفة بعد أن تدر المطبعة بعض الدخل المادي.

وتابع د. علي أنه كان لظهور المطبعة الحديثة في البحرين؛ التي أسسها الزائد عام 1932 أثره المهم في نشأة الصحافة فيها، فالمطبعة هي الوسيلة الأساسية التي يمكن بواسطتها طباعة أكبر عدد ممكن من النسخ المطلوبة من الصحيفة. فقد كان من المعروف أن بلاد الخليج والجزيرة العربية، تبعث بمطبوعاتها الرسمية وغير الرسمية إلى مطابع الهند الحجرية وغير الحجرية بالدرجة الأولى، وإلى مطابع البصرة والقاهرة بالدرجة الثانية. وقد بدأت البحرين في إدخال المطبعة الحجرية واستخدامها لأول مرة في عام 1913 على يد الحاج أحمد عبد الواحد فرامرزي والحاج ميرزا على جواهري. والحقيقة أن مطبعة البحرين الأولى هذه، لم تكن تؤدي مهمة الطباعة فحسب، بل كانت أيضًا أداة لنشر الثقافة والمعرفة، ليس في البحرين وحدها، بل في دول الخليج أيضًا.