+A
A-

الخزنة يصدر رواية مهاجرٌ في زمن الجُدري

صدرت مؤخراً رواية مهاجرٌ في زمن الجدري للدكتور عمَّار الخزنة عن دار كلمات للنشر، و قد أقيم حفل تدشين للرواية في نادي سماهيج الثقافي و الرياضي وسط حضورٍ لفيف من الكُتَّاب و المثقفين و المهتمين بالرواية.

يخطُّ عمار الخزنة روايته الأولى بنفَس الكاتب المهوس بالتفاصيل و كلمات الطبيب الحاذق، روايةٌ لاقت استحسان الكثير من المُتلقِين ‏ سواءً من النُّقاد أو القُرَّاء لأنها تمسك بمفاصل الوجع الإنساني في مقاربةٍ جريئة لمفاهيم جدليَّة مثل الهجرة والوطن،و كما يقول الناقد زكريا رضي بأنها "روايةٌ تضعك أمام تخوم مخيلة قادرة على أن تؤرشف لتاريخ المنطقة بذكاء عالٍ و بقدرة على الإيهام حتى كأنك لا تدري الحقيقة من الخيال".

و إذا كانت الروايةُ توهمك بأنها في زمن مضى، إلا أن القارئ يستشعر أنها تخاطبه الآن و هنا ،و أن تحديات و اسقاطات الرواية هي واقعٌ نعيشه. روايةٌ تجعلك توقن أن كلّ فرد منا هو في رحلة و لكلٍ منا له هجرته.

" البلاد' كان لها هذا اللقاء مع الدكتور عمار الخزنة لنستكشف جوانب جديدة عن الرواية.

بدايةً نبارك لك دكتور مولودك الثقافي الأول. ليتك تعرفنا على فكرة الرواية أين و متى وُلِدتْ؟

-لا أعتقد واقعاً بوجود لحظةٍ محددة لولادة الكتابة الإبداعية، لأنها عملية تراكمية و ليستْ وليدة لحظة إلهامٍ واحدة كما يتصور الكثيرون، فالتجربة نتيجة مزاوجة بين الخلق التخيلي و بين اللاَّوعي، ذلك الكائن الأثيري لذي يجمع كل ما مر بنا و المخوف و المُشتهَى، و كل ‏مزاوجة تنتج عملاً متفرداً، و لكن الرواية كفكرة تعود إلى قبل حوالي 30 عاما عندما كنت صبياً في الحادية عشرة من عمري تقريباً استمتع بالاستماع إلى للمرحوم جدي و هو يروي قصصاً تاريخية بعد عودته صباحاً من صلاة الفجر،من هنا تبرعمت عندي فكرةُ تدوين هذا التراث اللفظي.

هل لك أن تطلعنا على المراحل العامة لكتابة روايتك؟

-أعتقد أن الرواية مرت بثلاث مراحل أساسية: مرحلة تدوين التراث الشفاهي, دون أن يكون لدي مشروع واضح، كلُّ ما أعرفه بعقلية الصبي آنذاك أن هذا التراث الشفاهي يجب أن يُدون كي لا يضيع و هذا يحيلنا إلى المرحلة الثانية: مرحلة نضوج التجربة؛ و في تلك الفترة كانت هذه القصص تعيد تشكيل نفسها في اللاَّوعي أثناء انشغالي بالدراسة في كلية الطب في الوطن وبعده سفري لأمريكا لاستكمال التخصص الطبي و العمل، ثم أتت مرحلة الكتابة: إذ أن شيئاً في تجربة الاغتراب في أمريكا لأكثر من عقد أوقظ رغبةً حبيسة لإعادة نبش هذا التراث، فاستجلبت ‏بعض القصاصات القديمة من البحرين و ‏بدأت بإعادة صياغتها، و على مدى السنوات الست الماضية كان النص يتشكل و يعيد تشكيل نفسه خصوصاً بعد مناقشة و تحليل التجربة مع نخبة مِن الروائيين و النُّقاد الذين أدين لهم بالكثير.

هذه المقاربات النقدية للنص فتحتْ لي أبواباً كثيرة في الكتابة السردية، إلى خرجت الرواية على ما هي عليه اليوم.

.ماذا تعني الكتابة لك شخصيا؟

-الكتابة بالنسبة لي هي ملجأ أو مُتنفَّس وهي محاولة للإمساك بالأسئلة الوجودية القلقة، و الكتابة تعيد صياغة ماضٍ يُراد له أن يُينسى أو يُتناسى،أو كما يقول بطل رواية بن غانم "النسيانُ موت... لا أريد موتاً قبل الموت"

ما أهم التحديات التي واجهت في هذا العمل؟

-لعل أهم تحدٍ هو كيفية نقل الأحداث من ضيق التراث الشفاهي إلى فضاء الكتابة الروائية الواسع بحيث تقارب أحداثا مشحونةً بنوستاجيا و شبه قداسةٍ تاريخية و تحولها إلى عمل سردي قابل للإمتاع، به شخوص لهم أصوات و دوافع متنافرة تعبرعن ذواتها في النص،كما يقول جراهام جرين أن الكاتب عليه قطع الحبل السري بينه و بين التجربة لتكون كياناً مستقلاً قابلاً للحياة بذاتها.

الرواية التاريخية ‏عادةً ما تعتمد على مصادر متعددة. ما أهم المصادر التي اعتمدت عليها؟

-أعتقد أن الرواية التاريخية ليست معنيةً بالسرد التاريخي التقليدي، و لكنها أشبه بالأشجار ذات الثمرات المختلفة، رغم أنها تُروى بماءٍ واحد هو الحدث التاريخي،ومن أهم المصادر التي اعتمدت عليها هي التاريخ الشفاهي و مراجع تواريخ المنطقة و كذلك كتب المستشرقين و المبشرين القرنين الثامن عشر و التاسع عشر‏، من أهمها سلسلة كتب الحملات التبشيرية التى تسمى

The Arabia Calling and Neglected Arabia

التي حصلت عليها بالتواصل مع كنيسة الأمل التي أشرفت على الإرساليات التبشيرية في الخليج و هي ما تزال موجودة في ولاية بنسلڤانيا في أمريكا، و استعنت أيضا بوثائق مكتوبة لأحد أجدادي و التي يزيد عمرها عن القرن، بالإضافة إلى مصادر طبية عن الجُدري.

ختاماً، لو ‏سألتك أن تختصر رسالة الرواية "اقتباسات "منها فماذا تقول؟

-سؤال صعب. لكن ربما ‏لن أجد أبلغ من قول بطل رواية بن غانم لابنته خزنة "لا وطنَ لك، إلاَّ الوطنُ الذي تأمنُ بهِ و فيهِ و منه."

‏الجدير بالذكر أن الرواية متوفرة في مكتبة كلمات بمجمع السيف و في جناح دار كلمات في مختلف معارض الكتاب الدولية.