العدد 4084
الجمعة 20 ديسمبر 2019
banner
أمضغ فاكهة التحدي لأضيف شيئا إلى العالم
الجمعة 20 ديسمبر 2019

الكتابة مأساة تصور قصة كفاح إنسان مع القدر، وبما أن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة، والإنسان ليس بطلا دائما وليس متخاذلا، فمن الضروري أن يعيش الكاتب إحباطات وهزائم وآمالا ضائعة، خصوصا إذا كان صاحب عواطف ومشاعر، ويريد أن يصبح مبخرة تلون سماء الناس بالعطر، ويحلم بفرض وصايته على الكون أبد الدهر باختفاء الشرور والأحزان واليأس والكآبة.

والدنا الكاتب الراحل محمد الماجد أكثر الكتاب الحالمين بتغيير العالم والقضاء على كبرياء الأحزان والشرور، فهو يقول في إحدى مقابلاته (هناك فرق بين الحلم والوهم، فأنا عندما أحلم أسعى يوميا لتحقيق هذا الحلم، أحلم بتغيير العالم، باختفاء الشرور والأحقاد، أحلم باليوم الذي أجد فيه العالم بلا خيانات، أحلم باختفاء كلمة انتحر.. طلق الحياة.. لماذا؟ أحلم باليوم الذي يتحول فيه كل شيء إلى حقل أخضر، إلى بستان كله روعة وحب، في قرارة نفسي أشعر بأنه سيأتي اليوم الذي يتجانس فيه البشر وتختفي الشرور).

وللكاتب التركي الرائع عزيز نيسين هذه المقولة (نحن الكتاب مسؤولون عن كل ما يحدث في هذا العالم، نحن المحامون عن المعذبين والبائسين والمظلومين والمحرومين في هذا العالم أجمع، ونحن حماتهم والمدافعون عنهم أيضا، إننا نقوم نحن معشر الكتاب بمهمات المهندسين المعماريين بنائي الرأي العام العالمي، لم يكلفنا أحد بهذه المهمة، إنما أخذناها نحن على عاتقنا، فإذا ما راح بعض الناس المجهولين قتلا في مكان مجهول ما في العالم فالمسؤولية تقع علينا، نحن الكتاب، وإذا مات الأطفال بسبب الجوع والأمراض والعوز في مكان لا نعرف حتى مجرد اسمه في هذا العالم، فمن تظنون المسؤول؟ إنه نحن معشر الكتاب).

أما أنا فلن أقول شيئا، لأن الداء الذي يزحف بجسمي بسبب “الكتابة والقراءة” ويتسلل في دمي بصمت أكبر من الوصف، وحلمي ترديد بعض الكلمات والجمل وإعادتها، فيخيل للقارئ أنه يسمعها ويقرأها لأول مرة في حياته. حلمي أن أمضغ فاكهة التحدي لأضيف شيئا إلى العالم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .