العدد 3918
الأحد 07 يوليو 2019
banner
الرئيس والبرلمان
الأحد 07 يوليو 2019

قد يكون الكلام معادا، أو سابقا للتجهيز، لكن للضرورة أحكام، وللحقائق الدامغة أدلة وبراهين، قبل أيام خرجت الصحف بتصريحات نيابية مفادها أن رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه يدعم العمل البرلماني بكل ما أوتي من قوة، وأن سموه يؤكد دائما وأبدا على ضرورة تعزيز التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

ما إن خرجت هذه التصريحات من نيابيين بارزين حتى تذكرت كيف أن الأب الرئيس ومن خلال أطروحات مجلسه المهيب يؤمن بضرورة دعم أدوات التواصل بين مختلف السلطات في البلاد، ثم كيف أن هذا التواصل يرسخ الفصل بين هذه السلطات، وهو ما يمنح الاستقلالية لكل سلطة، لكنه في الوقت ذاته يؤكد على ضرورة التواصل بينها، والتعاون فيما يرتبط بالصالح العام عبر القنوات الشرعية والدستورية.

نعم يا صاحب السمو أن انفتاح السلطات على بعضها البعض، بل والوزارات كل على الأخرى يعالج العديد من المعضلات التي تشكل حجر عثر أمام التنمية، إنه الحبل السُري الذي لا يفصل التوائم عن أمهاتها والأصول عن جذورها، إلا لو تأكد المسئول أن ذلك لا يجور على سلطات أيًّا منها وأن الفصل لا يتم إلا لتحقيق الاستقلالية والتأكيد عليها ورسم الملامح النهائية لها.

إنها شخصية الدول القوية، بطاقة العبور نحو الحضارة بحسها المؤسسي وكيانها الأممي وطبيعتها الفاعلة.

التفاهم بين السلطات أمر دستوري، حكم بين الفرقاء والرفقاء، والتعاون بين الوزرات عملية مستمرة لا يجب الشذوذ عنها.

كثيرا ما نسمع أن هناك تضاربا بين وزارتين حول تنفيذ مشروع ما، وأن هناك تسرعا من وزارة، وتباطؤا من أخرى، أن هناك موافقات من جهة وملاحظات من أخرى، يحدث ذلك في مشاريع بنية تحتية وغيرها، ويحدث في القرارات التي تلعب الازدواجية فيها دور الوسيط “العادل”.

في جميع الأحوال التسرع ليس مطلوبا ولا التلكؤ أو التباطؤ أيضا، المهم أن يتعاون الجميع، أن يتفاهم الجميع، أن يرتبط الجميع بأهداف التنمية.

إن الوزارات جميعها، والسلطات على تعددها، من المفترض أنها تدور في فلك تنظيمي واحد، والمفترض أنها تتعاون أوتوماتيكيا، وتتواصل بديهيا، وأن الحلقات التي تربط أوصالها لا ينبغي أن تتقطع بها السبل فتضل الهدف المنشود وتدور في فلك مستقل خارج كتيبة الدولة وبعيدا عن حدودها النهائية.

إن التأكيد النيابي على حرص الرئيس القائد على تحقيق أعلى درجات التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يشير إلى ذلك المدى الذي يمكن من خلاله تحقيق التوافق المبدئي بين إصدار القوانين وتشكيل آليات تنفيذها، بين إعداد اللوائح وتحقيق الإجماع الشعبي عليها، والتنفيذ المبرمج للحكومة لها.

إنها دائرة متقنة من الممارسات الدستورية الفاعلة، والمحققة لطموحات شعب، وأي شعب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية