بحمد الله وسلامته عاد إلى أرض الوطن أمير القلوب رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه من استراحته الدورية المباركة في مملكة تايلند.. رغم أنها كانت عطلة سموه السنوية، إلا أنها لم تكن بمثابة استراحة المحارب، تماماً مثلما أنها لم تكن عطلة للاسترخاء الذي يستحقه أو للراحة التي نطمع لسموه فيها، كانت رحلته خلايا نحل تعمل ليل نهار، الرئيس ونجليه الوفيين وفريق عمله الخبير، يتابعون كل شاردة وواردة، يسهرون مع آلام المواطنين إذا تألموا، ومع معاناتهم إذا عانوا، ومع آمالهم إذا تأملوا في الغد السعيد.
مشكلات المواطن البحريني سافرت مع خليفة بن سلمان إلى تايلند، لم تتركه يوما واحدا، كانت حاضرة في مناقشاته، في مهاتفاته، في اجتماعاته مع الأصدقاء.
من مقعده البعيد القريب، كان يبحث قضايا الإسكان والتعليم والصحة، ويوجه من على البعد منا الوزراء المسئولين كل في موقعه، متابعا تنفيذ قرارات صدرت، ومشاريع أجُيزت، وتوجيهات تمت الإشارة بها.
صحيح أن سموه لم يمكث طويلا خارج البلاد، وصحيح أن نخيل الوطن ظل يناديه حتى عاد إلى ربوعه غانما سالما بحمد الله وحفظه، لكن الصحيح أيضا أنه لا راحة ولا اطمئنان إلا وكان خليفة بن سلمان بيننا، يجتمع بنا كعادته، يدعونا مثلما عودنا على المدى من العمر المديد إلى مجلسة المهيب، نطارح فيه الآراء، ونطرح على بساطه الأفكار، ونبذل قصارى الجهد في سبيل أن نصل إلى هدفنا الموعود: أمة واحدة .. شعب واحد.
وجود سموه بيننا شيء آخر، حالة حب ممتدة من البحر إلى البحر، حيث “مرج البحرين يلتقيان”، حالة توافق أبدية من الصخر إلى الصخر، حيث الرمل وحصى الطبيعة يتداخلان، إنه الوجود البحريني الفريد، والخلود التايلوسي التليد، والأيقونة العربية الديلمونية الفاضلة.
نحن نعرف أن المنطقة تغلي، ترامب يمهد ويهدد، وإيران ترد الصاع صاعين، ونحن في وسط الخليج نعيش التوتر من عمق القلب فيه، ونواجه التحدي رافضين التشظي في كل مراحله ومآسية، نسعى إلى السلام، إلى النماء، إلى الازدهار، ونفهم أنه لا تنمية من دون أمان، ولا رخاء من دون أمن، احتكاك الأمم قد اقترب كثيرا من حدودنا، بل إنه أصبح بالفعل بالقرب من ديارنا، لذا لم يهدأ خليفة بن سلمان، لم يسترح في عطلته السنوية وآثر العودة السريعة إلى أرض الوطن حتى يشارك شعبه المحب أفراحه وأطراحه، قلقه ومعاناته، أسئلته الصعبة والأجوبة التي كادت تجف على طرف الحلق واللسان.
البحرين بخير، نعم بألف خير، طالما قادتها يدركون ويفهمون في فنون التعاطي مع اللغة العالمية الجديدة ، “حرب ناقلات” ، إسقاط طائرة عبقرية من دون طيار، استخدام التكنولوجيا الأذكى، وربما الذكاء الاصطناعي في معارك أكثر من باردة، تصريحات نارية متبادلة مع أطراف على مقربة من الحدود، وبين قوى عظمى تستطيع هدم الكون بإشارة طائشة من أصبع مريض.
هذه الهواجس وغيرها، هي في ظني ما عجلت بعودة الأب الرئيس إلى وطنه الغالي، حيث المشاركة في إدارة زمن الأزمة كفيل بالوقاية من أخطارها.