لفت انتباهي أن الكثير من أبنائنا الصغار، خصوصا من المرحلة الابتدائية، يقبلون على مشاهدة المسلسلات الخليجية التافهة بما فيها من مشاهد حب وغرام وسخافات لا أول لها ولا آخر، حيث أصبح الطفل يتعلم من هذه المسلسلات كتلة من المفردات الخطيرة التي لا يجب أن يسمعها وهو في هذه السن، لأن لها تأثيرا قويا في تغيير شخصيته، وهنا أسترشد برأي أحد الخبراء وهو جوزيف كلابر الذي يقول: “إن الأطفال يقضون معظم الوقت أمام التلفزيون في مشاهدة البرامج التي أعدت خصيصا للكبار وغالبا ما تكون مليئة بالمشاهد والمواقف التي تتميز بالصراع العاطفي، ويظن بعض علماء النفس أن استمرار مشاهدة الطفل مثل هذه البرامج يحدث انطباعات عميقة من حياة الكبار على تفكيره ويدفع به إلى حالة من النضج سابقة للأوان من صفاتها الملحوظة الحيرة وعدم الثقة بالكبار والاهتمام بمشكلاتهم اهتماما سطحيا، وقد يصل الأمر بالطفل إلى عدم الرغبة في اللهو ليكون كبيرا. إن الأطفال في مراحلهم الأولى كثيرا ما يلتمسون النصح والمشورة عند الكبار فيما يخص مواقف يشاهدونها ضمن برامج التلفزيون، لكنهم يفاجأون بعجزهم عن تقديم المعونة المطلوبة، ومثل هذا العجز من جانب الكبار يكون له في نفس الطفل أثر عميق من أثر الصورة غير الواضحة لحياة الكبار التي يراها الطفل في مشاهدة التلفزيون”.
إذا نحن أمام صورة من الانحراف تدخل بيوتنا عبر تلك المسلسلات الهابطة التي من المؤكد أن لها تأثيرا سلبيا على سلوك أبنائنا، خصوصا مع غياب الذوق والمسؤولية عند شركات ومؤسسات الإنتاج وأيضا الفنانين والمخرجين، فهؤلاء يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية لأنهم ارتضوا تقديم كل ما يخالف الآداب والسلوك السوي واتجهوا تدريجيا إلى تقديم الأعمال البعيدة عن التربية والمليئة بالعبارات الخادشة للحياء، كما أن صورة الفنانة الخليجية أصبحت “تفشل” وكأنها جائعة عاطفيا، أشكال غريبة وتسريحات تخيف حتى عزرائيل نفسه.
علينا تدارك الوضع كأسر ومجتمع قبل تراكم المزيد من السحب السوداء، فأشعة الانحراف تكتسح بيوتنا وصدقوني لن يراجع أي فنان أو مخرج نفسه، إنما سيزيد من تلك الأشعة ويريد دفعات جديدة.