العدد 3568
الأحد 22 يوليو 2018
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
“النوم على سرير المقاطعة”
الأحد 22 يوليو 2018

بالنسبة لي كلما ضاقت ثغرة الجدار، وجدت لزاما علي أن أمارس الغرس، وأراهن على ولادة أمل ولو صغيرا على حافة الجدار.

لا أهرب من الجدار، لا أقاطع ترابه، ولا أتهيب عملية الغرس، لذلك، أنا كاتب لا أؤمن بثقافة المقاطعة في الحياة مهما يبُس عرق على جبين، مهما سقطت دمعة من عين عاقبها الكحل، مهما تشققت طرق وتشظت شظايا، وانحنى كريم في خيمة بلا ماء.

ان تقاطع موقعا، منصبا، برلمانا، وزارة يعني أنك حكمت على نفسك بالأحكام العرفية، وحظر التجول في أروقة هذا المكان، وإذا قاطعت البرلمان أنت بذلك تمنح أسماك القرش فرصة لابتلاع بقية أسماك الزينة التي تلون بحر شاطئك الجميل.

منذ 2002 وأنا ممتلىء ثقة بأن المقاطعة للبرلمان خطأ استراتيجي، وما كنت أعبأ لرقصة الزلزال تحت، كنت أقفز على حقول الألغام منتشيًا كرقصة الفلامنكو، وهنا أقول للشعب البحريني قاطبة، ادعموا التجربة البرلمانية وشاركوا في الانتخابات وبقوة، لكن لا تدعموا أي طائفي متوتر من أي طائفة، فالطائفي إذا ما جاءت مصالحه سيكون أول من يقفز من السفينة الغارقة، وسيصوت ضد مصالحكم.

وسيظل في المنعطفات يتوارى ببندقيته لاصطياد مصالحه، هذا اذا لم يلق الرصاص الكاتم للصوت على وحدتكم الوطنية، وعلى كل عصافير احلامكم.

لا عليكم بزفات العرس، وأثوابها المنشورة على حبال صفحات الجرائد، والوعود العسلية، فهذه الصناديق المطرزة باكسسوارات الوعود قد تنفجر تحت قبلة البرلمان ضد مصالح الناس. اقرؤوا تاريخ المرشح، فتشوا عن أوراقه التاريخية عن مواقفه، عن نظافة كفه، عن عن مدى حبه للناس، لأوجاع الناس، وهل هومنحاز لكل الجراح الاقتصادية، هل يمتلك شرعية تاريخية في دعم الوطن؟!! هل هومع الفساد أو ضده؟ هل يمتلك جرأة استجواب أي وزير مستقبلا، هل يكون حياديا لتعليق أجرسة الإنذار لخطأ أي وزارة أوقانون؟ هل مستعد لأن يضع إصبعه على الجرح الوزاري لأي وزارة؟ ما هي برامجه، دراسته الأكاديمية؟ منطقه؟ خطابته؟ لوجئنا لتجربة برلمان 2014 مثالا رمموا ذاكرتكم من ثقوب الوجع التي أصابها، واذهبوا google وضعوا اسم كل مرشح منهم، واقرؤوا مواقفه، وتصريحاته في أي موضوع كبير اقتصادي أواجتماعي أوسياسي أوخدماتي ماذا فعل للناس وما هو موقفه، واطلبوا منه جردا علميا، وبلغة أرقام ما هي الإنجازات التي قدمها للناس كي يطلب ترشيحه مرة اخرى!! وهكذا.

آخر ما تفكرون فيه تقييم الأشخاص من التصريحات والتلفزيونات، قيموهم بلغة الأرقام والوثائق، وماذا يجري على الأرض... فلا الموازنة العامة ولا الاقتصاد ولا الواقع المعيشي، ولا طاقة الناس تتحمل مزيدا من ((بهلوانيين)) جُدد يرقصون على أوجاعها.

صوتوا للانتخابات وبقوة ولكن صوتوا أوادفعوا وطنيين للترشح مادام قلبهم وولاؤهم وحبهم للملك والمشروع الاصلاحي، وهموم الناس والوطن، ويمتلكون جرأة دعم الإنجازات، ونقد التجاوزات بكل وضوح وبمنطق وعقلانية.

يوجد أطباء ومهندسون ومحامون و.. و.. إلخ، خامات وطنية في الرفاع والمحرق، والمنامة والبديع، أقنعوهم بالترشح. أو ادعموهم اذا رشحوا أنفسهم. هؤلاء هم المحامون الحقيقيون عن ملفاتكم المعيشية القادمة أن اردتموه أقوى من برلمان 2014، فكثير من أعضائه لم يقدموا شيئا، بل وباتت هواتفهم مغلقة لسنين، والآن سيتم فتحها ليقولوا للمنتخب: “كل سنة وأنت طيب” إلا ما ندر. ختامًا فالنوم على سرير المقاطعة لا يأتي إلا بأحلام مرعبة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية