+A
A-

ندوة حول إعادة إحياء مدينة الموصل بالعراق

على هامش اجتماع لجنة التراث العالمي الثاني والأربعين، استضافت قرية اليونيسكو بالمنامة مساء أمس السبت الموافق 30 يونيو 2018م ندوة حول إعادة إحياء مدينة الموصل، التي تعرضت لتدمير كبير أثناء الحرب التي دارت فيها. وتناولت الندوة مبادرة "إعادة إحياء الموصل" التي تعمل على تنفيذها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) بالشراكة مع العراق وبدعم دول عربية وأجنبية.

وشهدت الندوة حضور معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، السيد فرياد رونديزي وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي، السيد إيرنيستو أتوني راميريز نائب المدير العام للثقافة بمنظمة اليونيسكو، السيد لازار إلوندو أسومو نائب مدير مركز التراث العالمي والسيدة ربى الحسن وكيلة وزارة الثقافة وتطوير المعرفة بدولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى تواجد مجموعة من الخبراء العراقيين وممثلين لمنظمات دولية معنية.

وقالت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: "نجتمع اليوم بحضور دولي وبمبادرة من لجنة التراث العالمي كي نقف على ما آلت إليه حالة مدينة الموصل وتراثها الثقافي"، مؤكدة على المكانة الهامة للعراق في تاريخ الإنسانية منذ الحضارات الأولى التي تركت بصمتها على المجتمعات العربية حتى اليوم. وتمنت معاليها لمبادرة إعادة إحياء الموصل النجاح وتحقيق أهدافها كيف يعود للمدينة رونقها ومكانتها التاريخية و "أن يسمع العالم بأسره صرخة أبناء هذه الأرض ومن يقفون بجانبهم كي نمحو الأثر المأساوي الذي لحق بالمدينة ونستعيد جمال التراث الإنساني الذي تشهد له آلاف السنين".

 وأدى وقوع مدينة الموصل تحت نيران الحرب إلى تدمير المدينة، وخصوصاً مواقعها التاريخية والثقافة التي تشهد على روح التسامح والتعايش بين سكّانها، إذ أصبحت مواقع كموقع نمرود، ضريح النبي يونس، جامع النوري ومأذنته الحدباء أثراً بعد عين بسبب المعارك التي دارت في المدينة. وتحاكي هذه الندوة أهداف المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق والذي عقد في دولة الكويت، والذي كان قد أكد على أهمية البعد الإنساني والثقافي في عملية التعافي والتطوير المستدام لمدن العراق.

وقال السيد إيرنيستو راميريز إن مدينة الموصل تمثّل رمزاً للتعددية في المجتمع العراقي وهي ملتقى للثقافات في الشرق الأوسط كونها شكلت معبراً للحضارات على مر القرون، مشيراً إلى أن روح الموصل تعرضت لضربة قاسية أثناء الحرب. وأوضح أن المبادرة تهدف إلى إعادة إحياء التعايش السلمي في المدينة وإعادة ترميم التراث الثقافي المادي وغير المادي فيها بمشاركة جميع الأطراف، قائلاً إن مبادرة إعادة إحياء الموصل رسالة أمل لمستقبل أكثر إشراقاً للعراق. وأضاف: "اليونيسكو ستنظم نهاية العام مؤتمراً دوليا لحشد الدعم العالم لإحياء الموصل، هذه المبادرة دليل على العزيمة القوية لمنظمة اليونيسكو ولشركائها في استثمار التعليم والثقافة في عملية إعادة الإحياء".

وفي سياق متصل أعرب وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي السيد روانديزي عن شكره لجميع المساهمين في عملية إعادة إحياء مدينة الموصل، مؤكداً أن العراق عازم على إعادة ترميم ما دمرته الحرب من متاحف وموروث ثقافي مادي وغير مادي. وقال إن العراق ملتزم ببنود اتفاقية التراث العالمي لعام 1972م، مشيراُ إلى أن العراق منضم للاتفاقية منذ عام 1974م.

وتأكيداً على سعي الوزارة لصون وحفظ التراث الثقافي بالموصل، سلّم السيد روانديزي ملف تسجيل مدينة الموصل القديمة على القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي إلى نائب المدير العام للثقافة السيد إيرنيستو راميريز.

ومن جهتها أعربت السيدة ربى الحسن عن سعادتها لمشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة في مبادرة إعادة إحياء مدينة الموصل، مؤكدة على أهمية التراث الثقافي في مدينة الموصل. وقالت إن ما تعرضت له مسجد النوري في العراق اعتداء على هوية المدينة التي تعد رمزاً للتعايش والانسجام.

وانتقلت الندوة إلى تقديم عرض حول أولويات إعادة الإعمار في مدينة الموصل، حيث قال الدكتور فيس رشيد نائب وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي إن مدينة الموصل تضم آثاراً آشورية تعود إلى آلاف السنين. وأوضح عبر صور متعددة أن الكثير من هذه الآثار تعرضت للتدمير التام، كبوابة عاصمة نينوى التي تعود إلى القرن 7 قبل الميلاد، أسوار العاصمة الآشورية، الثيران المجنحة الموجودة على بوابات المدينة، متحف الموصل الذي تحطمت معظم مقتنياته وسرقت أكثر من 121 قطعة أثرية منه. كما أوضح أن آلاف الكتب تعرضت للحرق وفقدت المدينة أكثر من 10 آلاف كتاب ثمين. وفي سياق متصل تحدث الدكتور إحسان فتحي الخبير في التراث الثقافي حول مواقع مدينة الموصل قبل وبعد تدميرها، حيث أشار إلى أنه يجب اتخاذ تدابير طارئة لضمان عدم تشويه المدينة بسبب العمليات العشوائية في إعادة الإعمار. وقال إنه توجد فرصة كبيرة من أجل إعادة ملامح المدينة التي اندثرت، إلا أن هذه العملية تحتاج إلى توثيق وبحث عميق لتجنب فقدان الموصل لهويتها الثقافية.

يذكر أن مبادرة "إعادة إحياء الموصل" تعد واحدة من أولويات اليونسكو خلال السنوات القادمة. إذ تعد أكبر حملة إعادة إعمار تقوم بها المنظمة في الآونة الأخيرة. فقد حشدت قواها بالكامل، منذ شهر فبراير 2018م من أجل إتمام مبادرة الموصل، سواء في مقرها أو في مكاتبها الميدانية في العاصمة العراقية بغداد والمنطقة. وتتماشى المبادرة مع خطة "إعادة الإعمار والتنمية في العراق" التي تقوم بها الحكومة العراقية، وبرنامج التعافي وبناء القدرة على الصمود في العراق، الذي استهل بمبادرة من الأمين العام للأمم المتحدة.