العدد 3512
الأحد 27 مايو 2018
banner
رسوم غير مقنعة
الأحد 27 مايو 2018

لا شك أن المدارس الخاصة في البحرين قامت وتقوم بجهود استثنائيّة وملحوظّة للارتقاء بجودة التعليم وتحسين مخرجاته، ولا يمكن إنكار مساهمتها في رفع مستوى التعليم بشكل كبير بفضل ما يتوافر لديها من إمكانيات وخصوصا من حيث ميزانياتها التشغيلية والرأسمالية، الأمر الذي أتاح لها استقطاب أفضل الكوادر التعليمية المتاحّة بالإضافة إلى الاستعانة بأحدث النظم والمقررات الدراسيّة.

ولا يخفى على الجميع أن الالتحاق بتلك المؤسسات التعليمية الخاصة كان صعبا في البدايات بسبب رسومها التي تتجاوز إمكانيات الكثير من الأسر، إلا أنه بعد سنوات، عمدت الكثير من المؤسسات والشركات والبنوك وغيرها من مؤسسات القطاع الخاص إلى منح موظفيها امتيازات جديدة منها تحمّل تكاليف تعليم الأبناء في هذه المدارس وهو شيء إيجابي جداً ومبادرة تستحق الشكر والثناء.

في هذه الأيام تستعد المدارس الخاصة، كدأبها كل عام، لتنظيم احتفالات تخريج أفواجها من الطلبة والاحتفاء بالخريجين، وأعتبر أيّ احتفال مناسبة ممتازة للطلبة وعائلاتهم للمشاركة في هذا اليوم السعيد المفعم بفرحة الإنجاز، والتقاط صور تبقى ذكرى جميلة.

لكن وكما يعلم الجميع، تحتدم المنافسة بين هذه المدارس الخاصة، فنجد التباهي والتسابق حول فخامة مكان الحفل ورقّي الديكورات، ويتم صرف أموال ضخمة للظهور بصور تليق بمكانة كل مدرسة، وهذا لا نعترض عليه، لكن ومن وجهة نظري الشخصية، وأنا أنقل هذا التحفظ نيابة عن العديد من أهالي الطلبة، فهم يرون أن إدارات المدارس تفرض عليهم رسوماً عالية جداً مقابل تسجيل وحضور أبنائهم هذه الاحتفالات، علماً أن هذه الرسوم رغم اختلافها من مدرسة إلى أخرى، إلا أنها بالفعل عالية جداً حتى على الميسورين.

تصوروا معي أن إحدى العائلات رفضت دفع الرسوم فحُرم الأبناء من معايشة هذه اللحظات، وأنا لا ألقي اللوم على هذه الأسر فتلك الرسوم تشكل بالفعل كاهلاً ثقيلاً على أولياء الأمور، خصوصا أنها تأتي في وقت يستعد فيه الآباء لتحمّل رسوم جديدة وثقيلة، هي رسوم التسجيل بالجامعات لاستكمال الدراسة.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا تلك الرسوم العالية جداً، فإذا كانت إدارات المدارس تريد أن تتباهى بفخامة الحدث ورقيّه فتلك مشكلتها ولا يجب الخلط بين هذه المسائل، فأولياء الأمور الذين التزموا بدفع الرسوم الدراسية حتى تخرج الأبناء لا يرون الآن أيّ مبرر لدفع رسوم إضافية لتنظيم احتفالات فيها الكثير من المبالغات، إذ بوسع المدارس استغلال مبانيها الجميلة وقاعاتها الواسعة لعمل حفل التخرج، مع إضافّة بعض الديكورات والأمور اللوجستيّة.

والسؤال الآخر هو أين دور وزارة التربية والتعليم في هذا الموضوع، فينبغي عليها التدخل في مثل هذه الأمور ويجب أن تكون لها كلمة فصل، وكلي أمل في أن تنظر إدارات المدارس إلى هذه الملاحظات التي تصب في مصلحة المدارس أولاً والأهالي  ثانياً.

أتذكر جيداً عندما ذهبت إلى المملكة المتحدة لحضور حفل تخرجي بعد أن حصلت على شهادة الماجستير، كان ذلك في عام 2002م وأتذكر جيداً كل لحظة من لحظات الحفل الذي شهد تخريج أكثر من ألفي خريج من جميع أنحاء العالم، تلك اللحظة التي تجعل الطالب ينسى كل الصعاب لنيل الشهادة، وأذكر في الوقت نفسه أن الجامعة لم تطلب منّا مبالغ كتلك التي تطلبها اليوم مدارسنا الخاصة! والله من وراء القصد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .