العدد 3511
السبت 26 مايو 2018
banner
مشكلة شخصية! (2)
السبت 26 مايو 2018

الأغرب أن الشيخ روحاني نفسه كان (ولا يزال؟) صاحب “رؤيا” لا تختلف في خلاصاتها عن تلك الكامنة في المواقف الأميركية المتصاعدة! كان يعرف أن سياسة إيران الخارجية ستولّد الكوارث لها ولغيرها، وأن المقاربة العدائية المفتوحة مع العالمَين القريب والبعيد لن تحلّ الأزمات الداخلية بل ستعمّقها، ولن تقدّم حلاً لأية معضلة اقتصادية أو تنموية أو حداثية، وأن السعي بين أقوام الآخرين لن يغيّر من هوياتهم ومعتقداتهم ويقينياتهم بل سيدعّمها ويثبّتها! وأن ادّعاء “الثورة” في مكان و”الدولة” في مكان انتهى إلى دمار أصحابه السابقين و”الأصليين” (في الاتحاد السوفياتي الراحل مثلاً!)، وأن تعمير البنى “الإقليمية” و”المحورية” و”القطبية” على أرضية صلصالية رخوة مآله الخسران الذاتي الأكيد!

ويعرف الشيخ روحاني (على ما أبلغه علناً وزير داخليته وليس غيره) أن أسباب الاحتجاجات التي انفجرت في إيران وتعود لتنفجر شيئاً فشيئاً، كانت موجودة أيام أوباما “والفتوحات الخارجية” في عهده! وبقيت موجودة أيام ترامب وبدء العدّ العكسي لتلك الفتوحات! وهي في الأصل (تلك الاحتجاجات) لم تكن وليدة تآمر خارجي بقدر ما هي انعكاس لسياسة إيران الخارجية، وأن الإيرانيين (ونحو ستين بالمئة منهم من جيل الشباب) “غير راضين عن شيء” في أداء النظام، مثلما قال حرفياً وزير داخلية النظام! وأن الذين هتفوا لروحاني نفسه عند انتخابه بأن “لا سوريا ولا لبنان ولا اليمن بل إيران أولاً”، هم الذين صوّتوا له في صناديق الاقتراع، ولم يكن ترامب رئيساً لأميركا، ولا بومبيو وزيراً للخارجية آنذاك!

شخصنة الشأن السياسي العام، طقس شرقي مألوف، لكنه بعيد في الغرب بُعد الغرب عن الشرق! ويوازيه في الأداء الإيراني تحميل الآخرين مسؤولية الفشل الذاتي.. ثم محاولة تصوير المعضلة باعتبارها متعلقة بخصال رئيس أميركا أو خلفية وزير خارجيته، وليس بحاصل جمع مبدأ “تصدير الثورة” والذي لا يكفي توصيف “النكبة” لاختصاره!. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية