+A
A-

عدم جواز نظر دعوى بحق متهمة بالدعارة شُمِلَت بعفو ملكي

قضت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة بعدم جواز نظر دعوى شابة عربية "28 عامًا" من جنسية إفريقية، محكومة بالسجن لمدة 10 سنوات مع الإبعاد النهائي عن البلاد، في قضية دعارة؛ وذلك لشمولها بالعفو الملكي الخاص، بعد نقض محكمة التمييز لحكم إدانته لعدم اتصال علمها بالقضية كون أن إعلانها لم يكن قانونيًا.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها أنه وأثناء نظر الدعوى أمام المحكمة المُعاد إليها من محكمة التمييز، قدم عضو النيابة العامة ما يفيد أن المتهمة قد شُمِلَت بالعفو الملكي الصادر بتاريخ 31/8/2017، وحيث أنه المرسوم صدر بالعفو عن باقي العقوبة السالبة للحرية وعقوبة الغرامة المحكوم بها على المتهمة ونشر بالجريدة الرسمية، وعُمِلَ به من تاريخ نشره، حيث كان هذا العفو قد صدر بعد الحكم الصادر من محكمة التمييز وإعادة الدعوى للمحكمة الراهنة، فإن صدوره يُخرج الأمر من يد القضاء، مما تكون معه المحكمة غير مستطيعة المضي في نظر الدعوى ويتعين لذلك الحكم بعدم جواز نظر الدعوى قِبَلَ المتهمة.

وكانت محكمة التمييز قد حكمت في وقت سابق بقبول طعنها شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف وأمرت بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيها من جديد، فيما رفضت طعنين آخرين لمُدانَين آخرين في ذات الدعوى وأيدت الحكم الصادر بحق كل منهما.

وقالت المتهمة في الطعن الخاص بها أنه إذ أدانها بجرائم الاتجار بالأشخاص وحمل الآخرين على ممارسة الدعارة عن طريق الإكراه والحيلة وإدارة محل للدعارة والاعتماد في حياتها بصفة جزئية على ما تكتسبه غيرها من الدعارة، وقد ران عليه البطلان وأخطأ في تطبيق القانون؛ ذلك أنه لم يتصل علمها بالدعوى ولم يتم سؤالها بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة، كما لم يتم إعلانها إعلانًا قانونيًا صحيحًا بالحضور أمام محكمة أول درجة، والتي دانتها موصوفًا حكمها بأنه حضوري اعتباري، رغم أنه في حقيقته غيابي، مما حرمها من درجة من درجات التقاضي، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وذكرت المحكمة أنه لم يتم إعلانها حسب ما أثبت القائم بالإعلان أن عنوان المتهمة الخاصة بها كان غير صحيح لعدم ذكر رقم شقتها، فكلفته المحكمة بالتحري عن عنوانها من واقع رقمها الشخصي المثبت بالأوراق، لكن أوراق الدعوى خلت مما يفيد قيامه بهذا التحري وإثبات ذلك حسب ما أوجبته المادة 159 من قانون الإجراءات الجنائية؛ حتى يتم تسليم الإعلان إلى مركز الشرطة التابع له محل إقامتها، ومن ثم فإن اتصال المحكمة بالدعوى بالنسبة للطاعنة جاء منعدمًا لعدم إعلانها من النيابة العامة بأمر إحالتها للمحكمة، وبالتالي لم تنعقد الخصومة بالنسبة لها، فضلاً عن أنها لم تعلن إعلانًا قانونيًا صحيحًا بجلسات المحاكمة؛ ولذلك فإن الحكم يكون قد بُني على إجراءات باطلة ويمتد هذا البطلان إلى الحكم المطعون فيه والذي قُضِيَ بتأييده دون أن يعرض عن دفعها بهذا الشأن، ومن ثم يكون معيبًا بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعنة وإعادة القضية لمحكمة أول درجة للفصل فيها من جديد دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

وكانت محكمة أول درجة قضت في وقت سابق، بمعاقبة 4 متهمين بقضية إتجار بالبشر بحق أربع أشخاص، هم متهمَين عربيَين 26 و32 عامًا "أشقاء" والمتهمة، وآخر "29 عامًا - مُخلى سبيله - يعمل موظف بإدارة الجوازات بمنفذ مطار البحرين" متهم باستغلال وظيفته عبر إدخال المجني عليهن للبلاد دون تسجيل دخولهم في النظام مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 100 و150 دينار؛ وذلك بمعاقبتهم جميعًا بالسجن لمدة 10 سنوات عما أسند إليهم من اتهامات، وأمرت بإبعاد المتهمين الأول والثاني والثالثة نهائيًا عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة.

وكانت وجهت النيابة العامة للمتهمين أنهم في غضون عامي 2012 و2013،

المتهمين الأول والثاني والثالثة:

أولاً: اتجروا في شخص المجني عليهن الأربع بالحيلة والتهديد والإكراه واستغلال النفوذ بزعم توفير فرص عمل مشروعه لهن وبعد استقبالهن تم استغلالهن في أعمال الدعارة رغمًا عنهن، وذلك باحتجازهن في غرف الفندق بغير وجه حق وحجز وثائق سفرهن وبتهديدهن باستغلال نفوذ المتهمان الأول والثاني كونهما على علاقة برجال الشرطة وبتعريضهن للضرب، فرضخن لتلك الأفعال ليحققوا من ورائهن كسبًا ماديًا.

ثانيًا: حملوا المجني عليهن على ارتكاب الدعارة عن طريق الإكراه والتهديد والحيلة.

ثالثًا: أداروا محلاً للدعارة وهو الفندق الذي تم ضبط المجني عليهن فيه.

رابعًا: اعتمدوا في حياتهم بصفة كلية على ما تكتسبه المجني عليهن من ممارسة الدعارة.

المتهم الرابع:

أولاً: بصفته موظفًا عامًا (بالإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة) أخلّ بواجبات وظيفته استجابةً لوساطة المتهم الأول.

ثانيًا: ارتكب تزويرًا في شهادة إلكترونية بأن تغافل عن إثبات بيانات دخول اثنتين من المجني عليهن إلى مملكة البحرين والإقامة فيها على خلاف الحقيقة.

المتهم الأول: اشترك مع المتهم الرابع بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جناية استغلال الوظيفة استجابة لوساطة، بأن اتفق معه على إدخال المجني عليهن سالفات الذكر مملكة البحرين عبر مطار البحرين الدولي على خلاف القواعد المقررة وساعده في ذلك بأن أمده ببياناتهن وصورهن الشخصية فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.

يذكر أن وكيل النائب العام حسين سعيد الزامل، صرح في وقت سابق أن النيابة العامة أنجزت تحقيقاتها في واقعة فساد تضمنتها جريمة اتجار بالأشخاص تتمثل في إخلال موظف عام بواجبات وظيفته استجابة لوساطة المتهمين القائمين بالإتجار والتزوير في شهادات الكترونية(...).

وأوضح الزامل أن وقائع الدعوى تتحصل حسبما جاء في البلاغ الوارد من شعبة مكافحة الاتجار بالبشر، أنه بمناسبة التفتيش على العمالة غير النظاميين في أحد الفنادق، استنجدت أربع نساء أجنبيات بأفراد الشرطة، وأفدن أنهن محتجزات في ذلك المكان من قِبل شقيقين من جنسية عربية، واللذان تم ضبطهما لاحقًا بمطار البحرين الدولي حال محاولتهما الهروب ومغادرة البلاد، وبسؤال المجني عليهن بالتحقيقات، قررن بحضورهن للعمل بأحد الفنادق بناءً على اتفاق مُسبق مع أحد المتهمين، وبعد وصولهما قام المتهمين الشقيقين بالتعاون مع امرأة من جنسية عربية بحجز جوازات سفرهن واحتجازهن وتقييد حريتهن، واجبارهن على ممارسة الرذيلة عن طريق التهديد والاعتداء على إحداهن، فأمرت النيابة إيداع المجني عليهن إحدى دور الرعاية مع تقديم الرعاية الطبية والنفسية لهن.

وباستجواب المتهمَين أنكرا، وقررا اقتصار دورهما على احضار الفتيات للعمل داخل مملكة البحرين، وأضافا بقيام المتهم الرابع "موظف عام" بتسهيل إجراءات دخولهن إلى المملكة نظير مبالغ يتقاضاها، وباستجواب الأخير بالتحقيقات أقر بإدخاله فتيات عن طريق ختم جواز السفر دون تسجيل بياناتهن بالنظام الآلي بما يشكل تزويرًا إلكترونيًا، وأنه قد سبق له تقاضي مبلغ من المال من أحد المتهمين على سبيل القرض.

وأوضح الزامل أن قضايا الإتجار بالأشخاص تعد من الجرائم ضد الإنسانية؛ لما فيها من انتهاك لكرامة الإنسان وآدميته، والتي تولي النيابة العامة اهتمامًا بالغًا لسرعة التحقيق والتصرف فيها والتعامل بحزم مع مرتكبيها.