+A
A-

براءة متهمَين من حرق اطارات والسبب تضارب أقوال متهم ضدهما

برأت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة، غيابيًا، متهمَين مما نسب إليهما من تهم الحرق الجنائي والتجمهر وحيازة عبوات "المولوتوف"؛ وذلك لعدم اطمئنانها لأقوال شخص كان قد قبض عليه بذات الواقعة وادعى أنهما هما من أجبراه بالتهديد على المشاركة في الواقعة.

وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أنه عند تقديرها لأسانيد الاتهام التي قدمتها النيابة العامة تدليلاً على ارتكاب المتهمَين للواقعة، والمتمثل فى أقوال شاهد الإثبات مُجري التحريات والمتهم المقبوض عليه بتحقيقات النيابة العامة، لا ترقى إلى اطمئنان المحكمة وثقتها، ولا ترقى إلى مرتبة الدليل المعتبر في الإدانة؛ وذلك لما أحاطها من شكوك وريب وما أصابها من اضطراب يجعلها بمنأى عن ارتياح وجدان المحكمة، آية ذلك:

أولاً: أنها لا تطمئن إلى إقرار المتهم المقبوض عليه بالتحقيقات ومحاضر جمع الاستدلالات والذي تم استبعاده من الاتهام، وإنها لا تطمئن إلى هذا الإقرار ذلك لأنه جاء متناقضًا وماديات الجريمة، فقد قرّر المتهم سالف الذكر بأنه تعرّض للضرب والتهديد من قبل المتهمين لإجباره على مشاركتهما وآخرين في ارتكاب الواقعة مما دعاه إلى ارتكابها والتوجه معهم إلى الشارع العام وإلقاء الاطارات والانصراف ثم شاهد المتهمَين حال انصرافه يقومان بإشعال النيران بالإطارات.

ومن ثم فالمحكمة لا يسعها سوى طرح هذا التصوير خاصة وأن المتهمَين لم يتم ضبطهما وسؤالهما، هذا فضلاً عن أن المحكمة لا تطمئن إلى هذ الإقرار لأنه من المقرر أن أقوال متهم على متهم آخر لا ترقى لمرتبة الشهادة؛ لأن المتهم الذي يدلي بأقواله على غيره يُسمع بغير حلف يمين وهى شرط لسلامة اعتبار الأقوال شهادة في القانون لذا فهي أضعف أنواع الاستدلالات في الدعوى لأنها أقوال يشوبها الغرض بصدورها ممن له مصلحة في الخلاص من الاتهام الجاثم على صدره أو في أقل القليل ألا يكون بمفرده متحملاً مسؤولية الجريمة، فيجب على المحكمة أن تأخذها بكثير من الحذر لتعارض المصلحة بين المتهمين، وانتهت المحكمة إلى عدم الأخذ بهذه الأقوال وطرح هذا الدليل من أدلة الاثبات.

ثانيًا: أن أيًّا من المتهمين المذكورين لم يضبط بمسرح الواقعة متلبسًا بارتكابه الواقعة سواء تلبس حقيقي أو حكمي، كما أنه لم يضبط أيًا منهما حائزًا أو محرزًا ثمة أدوات أو آلات أو به علامات أو آثار تفيد مساهمته في هذه الجريمة.

ثالثًا: خلت الأوراق من ثمة دليل على أن المتهمين ساهموا في ارتكاب الواقعة سوى تحريات شاهد الإثبات، فلا يجوز للمحكمة اتخاذ تحريات المباحث عمادًا لحكمها وأساسًا لعقيدتها من أن المتهمين ارتكبوا الواقعة مع المجهولين، ولا يصح أن تبني المحكمة عقيدتها على عقيدة حصلها الضابط من تحريه لا عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، لاسيما وأن التحريات لا تعدو أن تكون رأى لصاحبها تخضع لاحتمالات الصحة والبطلان و الصدق والكذب ومن ثم فالمحكمة لا تطمئن إليها وتطرحها.

كما أشارت إلى خلو الأوراق من ثمة دليل يقيني يمكن الاعتماد عليه على وجه القطع واليقين، مما تنتهي معه إلى القضاء ببراءتهما مما نسب إليه عملاً بالمادة 255 من قانون الإجراءات الجنائية.

وكانت النيابة العامة وجهت لهما أنهما بتاريخ 24/5/2017،

أولاً: أشعلا وآخرين مجهولين حريقًا في منقولات كان من شأنه تعريض حياه الناس وأموالهم للخطر.

ثانيًا: اشتركا وآخرين مجهولين في تجمهر في  مكان عام مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب الجرائم والإخلال بالأمن العام مستخدمين في ذلك العنف لتحقيق الغاية التي تجمعوا من أجلها.

ثالثًا: حازا وأحرزا وآخرين مجهولين عبوة قابله للاشتعال "مولوتوف" بقصد استخدامها في تعريض حياة الناس والأموال العامة للخطر.

وتتمثل وقائع القضية فيما شهد به ملازم أول بتحقيقات النيابة العامة من أنه بمساء يوم 24/5/2017 ورد بلاغ لغرفة العمليات، مفاده وجود حريق في اطارات على شارع رقم 38 الفاصل بين منطقتي قلالي وسماهيج.

وعليه فقد انتقلت قوة من أفراد الشرطة لمكان البلاغ، كما تم اخماد الحريق ورفع عينات من مكان البلاغ، وأنه حال ضبط متهم في واقعة أخرى وسؤاله، قرر بأنه تعرّض للضرب من قبل المتهمين وآخرين لارتكاب هذه الواقعة فتم إحالته للنيابة العامة كمتهم في هذه الواقعة.

وتنفيذًا لأمر النيابة العامة بإجراء التحريات حول المتهمين، فقد أكدت تحريات الملازم السرية، والتي أجراها بمساعده مصادره السرية المجربة والموثوقة، على قيام المتهمَين بارتكابها مع آخرين؛ وذلك بهدف الإخلال بالأمن العام والسكينة العامة وقطع حركه السير وزرع الرعب والخوف في نفوس القاطنين في المنطقة، لذا فقد أصدر أمرًا بالقبض عليهما إلا أنه لم يتمكن من ذلك.