العدد 3278
الخميس 05 أكتوبر 2017
banner
إعلام... امرأة... سياسة (2)
الخميس 05 أكتوبر 2017

ونأتي لدور الإعلام في التركيز على قضايا المرأة، إذ غالباً ما يُطلب من الإعلام أن يقف مع المرأة، ويفسح لها مجالاً أكبر، ويقدّمها بصورة أفضل من الصور النمطية التي دأبت الدراما الخليجية – على وجه الخصوص – تقديم المرأة عليها، وذلك ببرامج وأدوار ترفع عنها الغُبن، لتأخذ دورها في الإعلام.

صحيح أن الإعلام في الأعمال الدرامية من شأنه أن يبالغ، وأن يبيع، وللبيع شروط ليست هي ذاتها شروط المصلحين، والمحطات التلفزيونية تريد المشاهدين ليمكنها إقناع وكالات الإعلان بتمويل البرامج والمسلسلات ورعايتها، فإن الاتكاء على أن يقوم المنتجون من تلقائهم بتغيير البوصلة إكراماً لعيون حقوق المرأة، سيكون من قبيل الأمل بـ “لحس الكوع”، والأمل بأن يُقبل المشاهدون والمستمعون والقرّاء على المواضيع المُصمتة، والمعلَّبة، هو أيضاً من الأمور التي قد يراها البعض مملة تدعو للتثاؤب ولا تأثير لها.

ما يدعو للأسف أن الإعلام في الكثير من الدول إن تحمّس لقضايا من أي قطاع كان، ولنقل قطاع المرأة، فإنه يُعلي من شأنها إعلاءً ممجوجاً، ويسبغ عليها الطهرانية، وينزهها من كل خطأ، الأمر الذي لا تؤمن به كثير من النساء المتقدمات، لأن الصورة غير حقيقية، وقد يكون ضررها مشابها لضرر التغييب أو التشويه. فنجد البعض إن تحمّس للأمر؛ فإنه يمارس في حقّ المرأة النهج نفسه الذي لم يثبت جدواه، في اعتقادي الخاص، إذ يفرد مساحة زمنية كبيرة في الإعلام التقليدي أو الجماهيري لطرح قضايا ومشاكل المرأة، وهذا – في تقديري الخاص – لا يجدي نفعاً، ذلك أنه ما إن يجري فصل المرأة عن المجتمع، وتمييزها – حتى وإن قيل إنه “تمييز إيجابي” – فإنّ هذا يعني مقتلة للموضوع نفسه، إذ إنه بذلك يجري عزل المرأة عن محيطها ومجتمعها، ويصوّرها كائناً غرائبياً بأن لها عوالمها السرية الغامضة، على اعتبار أن هذا التوصيف امتياز، ولكنه يصبّ في خانة الفصل القسري، فهي مختلفة عن الرجل لأن الرجل أيضاً مختلف عنها... ولا عجب.

إذا صحّت مقولة “الإعلام مرآة عاكسة للواقع”، وهي من المقولات الجدلية التي سبقتها مقولات وأعقبتها أخرى؛ فإن الواقع يحفل بالكثير من النماذج النسوية الناجحة، والفاعلة، والمتميزة، والباذلة، والمتفوقة، في حين أيضاً يعجّ المجتمع بالنماذج المعاكسة السلبية لما تقدم من الصفات الإيجابية، ومهم أن يكون الطرح متوازناً مازجاً الرجل والمرأة في الإطار الكامل للصورة، ومبيناً جميع النماذج التي تجوس خلال المجتمع، ويكون واقعياً ليُقرأ أو يُسمع أو يُشاهد.

الأهم في الإعلام عدة أمور يعيها تماماً العاملون في هذا القطاع الحيوي والحساس، ولكن دائماً هناك ظروف وواقع يحول دون الوصول إلى ما يراد الوصول إليه، وهذه الأمور تتمثل في: وضوح الأهداف والغايات، والذكاء في الطرح والتناول ابتعاداً عن السذاجة والمباشرة المدرسية و”الدفاشة” في تقديم القضايا. ويأتي تالياً الدأب والاستمرارية، فلا تتغير الثقافة المجتمعية بين ليلة وضحاها، ولا تتبدل من خلال برنامج أسبوعي لا يشاهده نصف المجتمع، ولا يؤمن به نصف النصف الآخر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية