العدد 3268
الإثنين 25 سبتمبر 2017
banner
كراهة التحريض
الإثنين 25 سبتمبر 2017

يلزم المجتمعات، من ضمن أولويات ما يلزمها، انتهاج العقلانية في تعاملها مع القضايا التي تتعرض لها، سواء كانت تهديدات خارجية أو داخلية، سواء كانت من أعداء من البشر أم كان العدو ظاهرة طبيعية أو أمراضا أو غيرها، ويفترض أن تقوم “صفوة المجتمع”، بدور ريادي في هذا الشأن، وهو عقلنة التفكير الجمعي حتى تكون تصوراته أمام جميع قضاياه، خصوصاً المهددة منها، بعيدة عن التهويل، وهو الأمر الذي يغيّب العقل، ويجعل الناس، أفراداً وجماعات، يسلّمون قيادهم طوعاً، ومن غير شروط ولا مراجعات، لأي كان.

“صفوة المجتمع” أو “النخبة” لها الكثير من التعريفات، فهناك من يقول إنهم أصحاب النفوذ، والأثرياء، ورجال الدين، والمثقفون، في النهاية، أقلية قائدة أو مؤثرة، والتركيز هنا على الصنف الأخير المتعلق بالثقافة أو التحصيل العلمي، فقبل مئات السنين كان “النخبة” هم من يعرفون القراءة والكتابة، إذ هم متقدمون على غيرهم في الاطلاع، وقبل عشرات السنين هم من تخرجوا من المدارس، وقبل عقود قليلة ربما هم من يحملون شهادات جامعية في درجتها الأولى، ولكن اليوم، هم من يحملون الشهادات الجامعية العليا التي لم تأت إلا بالتفكير العلمي المنظم، وهؤلاء من عليهم المعتمد ليرشدوا الناس إلى أفضل الطرق وأقلها خطراً، وأقربها إلى العلم والمعرفة، وألصقها بالتفكير العلمي المنظم الذي تعلّموه.

في السنوات الأخيرة رأينا كيف قاد “الخوف” مثقفين في دول العالم لمحاربة الإرهاب، وفي الحالة العربية، رأينا أيضاً مثقفين وعلماء وأصحاب شهادات عليا، كيف استجابوا لنخب أقل منهم ثقافة وعلماً، فتصاغر العلم أمام القوة وضعف وانساق.

ومن أكره ما خرجت به جماعة من هذه النخب العالمة والمتعلمة، تسخير علمها، للتحريض والتدليس بطرائق هي أبعد ما تكون عن “التفكير العلمي المنظم” الذي أنفقوا أعمارهم لتحصيله!

عندما ينجلي المشهد يتفهّم الناس بعضهم بعضاً بأنهم ليسوا إلا بشراً، حرّكتهم غريزة البقاء، وطمست على قلوبهم وتفكيرهم، وفي هذا الشأن يستوي – في كثير من الأحيان – العالم والعامل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية