العدد 3223
الجمعة 11 أغسطس 2017
banner
أنا متعب بعروبتي
الجمعة 11 أغسطس 2017

مطلع قصيدة ألقاها نزار قباني عام 1980، أي قبل سبعة وثلاثين عاما وقال في مطلعها: أنا يا صديقة متعب بعروبتي.. فهل العروبة لعنة وعقاب، ماذا أقول.. فمي يفتش عن فمي... والمفردات حجارة وتراب، أمشي على ورق الخريطة خائفا.. فعلى الخريطة كلنا أغراب.

كان حال الأمة ربما ليس بعيدا عن حالها الآن، كان ذلك في أعقاب انهيار المقاومة على يد أنور السادات في أعقاب معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني عام 1979 التي شقت صف الأمة، ومع ذلك كان هناك نوع من التوحد بين باقي أقطار الأمة، خصوصا مع نشوب الحرب العراقية الإيرانية والوحدة العربية الخليجية مع العراق في تلك الحرب، فإذا كان ذلك حال الأمة في تلك السنة وكان رأي الشارع العربي هو ما قاله نزار قباني حينها، فماذا يمكن أن يقول الشعر العربي في حديثه عن حالها اليوم، كيف يستطيع الشعراء أن يصوروا هذا الحال الذي تردى إلى درجة يصعب فهمها وليس قبولها فقط، فالقبول يأتي بعد الفهم وإلا كيف يمكن للإنسان أن يقبل شيئا دون أن يفهمه إلا إن كان مرغما على ذلك، وهذا هو حال الإنسان العربي اليوم، فهو في الحقيقة مرغم بالسيف على قبول ما لا يريد.

حال الإنسان العربي المؤمن بعروبته هو أن يكون متعبا كما قال قباني، حاله هو أن يفتش في فمه عن وصف يصف به ما يراه في واقعه فلا يجد شيئا يستخدمه أو ينطق به ذلك الفم، فكثيرون لم يعودوا يفهمون ما الذي يجري، ولماذا وصل حال أمتنا إلى ما هي عليه مع أنها من الممكن أن تكون في حال أفضل بكثير جدا، لم يعد الإنسان العربي يفهم أو يقبل كيف يكون العدو الصهيوني وغيره من أعداء الأمة أصدقاء لبعض العرب، لم يعد يفهم أو يقبل سبب تأخر فلسطين في الاهتمام العربي إلى هذا المستوى من الدونية والتجاهل، لم يعد يقبل وضع أمة تتناحر أقطارها لأسباب لا تستحق أن تكون أسبابا، لا يستطيع أن يقبل أو يفهم سبب تقديم الأجنبي على العربي في بعض الأقطار العربية، وكيف يفهم أو يقبل أن يتمكن أربعة أو خمسة ملايين صهيوني من السيطرة على ثلاثمئة مليون عربي مع الفارق الكبير في الإمكانات بين الجانبين.

كل أحلام الإنسان العربي في تلاش مستمر، كل آماله التي كانت ضمن أحلامه اتشحت باللون الرمادي، لذلك أصبح الشارع عاجزا عن التعبير عن واقعها وامتد ذلك التأثر إلى مثقفيها وشعرائها، ومع ذلك هناك حقيقة واحدة هي أن ذلك لم يكن بسبب الإنسان العربي ولكن... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .