ربما للبرنامج الاجتماعي "تم" الذي يعرضه تلفزيون البحرين بعد الإفطار مباشرة طابعه الخاص وهويته، ظاهرة فنية لها مقوماتها ودعائمها، ولكن مع هذا يبدو انه ابتعد عن الهدف الإعلامي "من وجهة نظري"، حيث يؤخذ عليه اظهار الناس البسطاء بهذه الصورة "وان كانت بموافقتهم" والتركيز على مآسي وأحزان وهموم ومشاكل عائلية تعرض مع تناول الإفطار مباشرة، فما ان يبدأ المشاهد بتناول افطاره مع عائلته حتى تدق اجراس الاحزان وجره الى صور لم يعتاد عليها من قبل، فتوقيت واختيار عرض البرامج في شهر رمضان ليس مثل عيد الميلاد والهدايا توزع هكذا، وانما زاوية يجب اختيارها بدقة لا تحتمل الخطأ، واتصور ان عرض البرنامج في هذا التوقيت غير موفق اطلاقا حتى وان كان الهدف هو البحث عن اكبر قدر من المشاهدين.

من الخطأ الفادح ان نتحدث هنا عن هدف اعلامي وعن برنامج يحتفظ بالأحداث لتقديمها الى الاجيال القادمة كي تأخذ العبر من التاريخ، ولكننا نتحدث عن يد قصيرة وعيون تدمع ما كان يفترض ان تقدم في برنامج تسجيلي مصور، واظهار البسطاء وهم يشعرون بثقل النظر الى الشاشة ويتضاعف شعورهم بالعجز حين الوقوف امام "الجهاز". نحن نحس بكل ذلك وحتى في طريقة سرد الأحداث.

نعم.. برنامج "تم" يحاول الارتباط بصدق بهموم المواطن وهذه حقيقة لا احد ينكرها وفيه بذرة من الحياة وتطابق الواقع ولكن كان يفترض البحث عن أسلوب آخر وعن لغة جمالية وحبكة تختلف عن ما يعرض الآن. ليس نقدا وإنما مجرد رأي مشاهد عادي يريد الفن الأصيل للشاشة التي يتابعها، فمثل هذه النوعية من البرامج تحتاج إلى استعدادات غير مألوفة وخصوصية معينة باعتبارها تتحدث عن مصائر البشر والمواقف الصعبة التي تجتاح حياتهم وتجعلهم تحت رحمة الظروف والمعاناة والقلق، وبصورة عامة نشكر تلفزيون البحرين على "اجتهاده" والدخول بشيء غريب على خارطة البرنامج لأننا لم نعتد على مثل هذه الأجواء لفترة طويلة.