+A
A-

الحياة جميلة... ولكن!

المشكلة: أنا شاب أبلغ من العمر 26 عامًا، أعمل في إحدى المؤسسات الكبرى في البحرين. مشكلتي تتمثل في أنني أعجبت بزميلة لي في العمل من أول نظرة حيث إنني أبهرت بجمالها وأخلاقها الحميدة.

كما أنني كلما أراها ينتابني شعور غريب فأحسست أنني أحبها، لكنه حب من طرف واحد، فخطر ببالي أن أبعث لها رسالة أعبر فيها عن مدى إعجابي بها وقد قمت بوضع رقم هاتفي في الرسالة على أمل أن تتصل بي، ولكنها لم تفعل، فنصحني زملائي في العمل بالابتعاد عنها لأنها لا تناسبني.

والآن أعيش في حالة يرثى لها، فأنا متيم بهذه الفتاة وأعتبرها فتاة أحلامي.. أنا لا أستطيع الابتعاد عنها. أرجوك أن تقدم لي الحل سريعا لأنني في أمس الحاجة لمن يرشدني.

المعذب ل.ش

 

خالد إسماعيلالحل: سيدي الفاضل المعذب (ل.ش): مشكلة واضحة جدا كما يبدو من معطياتها.. بالمثل فإن حلها أيضا مباشر ولا يستدعي كل هذا الدوران والتردد في حلقة مفرغة. فأنت إنسان ناضج ولا شك أنك متعلم وصاحب مؤهل جيد نظرا لعملك في إحدى المؤسسات الكبرى في البحرين، لهذا بإمكانك أن تضع قرارك الحاسم بنفسك، فالحل في متناول يديك، وكل ما هو مطلوب منك الآن هو التفكير الجاد والمنطقي لاتخاذ القرار المناسب بشأن هذا الموضوع المعلق. فبشيء من الجرأة والشجاعة يمكنك التغلب على هذا التردد بمصارحة الطرف الآخر. فمما لا شك فيه أن التوقف عن تنفيذ القرار ليس في صالح أي من الطرفين والأكثر من جانبك كطرف تعاني وتعيش الأمرين وخاصة أن الأمر بات واضحا لزملائك في العمل الذين نصحوك بالابتعاد عنها على اعتبار أنها لا تناسبك، بيد أن هناك علاقة قائمة وإن كانت من طرفك فحسب، فهذا لا يعني أن تلتزم الصمت دون أن تحسم الأمر بشكل فعلي ونهائي بغض النظر عن سوء الفهم أو الحاجز السطحي الذي يبدو لك أن يحيل بينكما.

عزيزي، اسمح لي أن أقول لك إنك مخطئ في حق نفسك وحق الطرف الآخر المعني بالأمر. ألا ترى أن علاقتك الذاتية تطورت من إعجاب إلى حب عميق من طرف واحد دون علم الطرف الآخر، ثم تقوقعت حول نفسك دون أن تصارح زميلتك عن مدى إعجابك وحبك لها كما أنك لم تبين مدى رغبتك بالزواج منها بصورة صادقة وجادة من خلال هذه العلاقة التي لم تنم عن ذلك بأي شكل من الأشكال.

عزيزي الشاب، اسمح لي أن أوجه إليك سؤالا مباشرا: كيف تبني حبك هذا على شيء لا وجود له أساسا، ولم يحدث حتى الآن أي نوع من التجاوب أو التفاعل مع الطرف الآخر، اللهم شيء من الصد وتجنب الحديث معك؟! أعتقد أن في هذه الحالة وكما يبدو واضحا جدا أنك معجب من طرف واحد، ولا يمك عليه حبا متكاملا في أي حال من الأحوال طالما أن الطرف الآخر لا علم له بذلك، وحتى إن كان كذلك فلا يوجد ما يشير إليه حتى الآن، ناهيك عن عدم وجود ما يبين على استجابة المشاعر العاطفية للطرف الآخر، ثم حتى لو كان الإعجاب من طرف واحد دون الآخر، فإنه لأمر وارد بأن يحدث لأي شخص منا طالما أنه إنسان لديه مشاعر وأحاسيس، يؤثر ويتأثر بمن حوله نتيجة للطبيعة البشرية التي تحمل بين طياتها عواطف جياشة خارجة عن إرادة تحكم العقل فيها بعض الأحيان، فمهما حاولت فلسفتنا المثالية أن تطغى عليها وتسيطر على هفواتها، إلا أن كفتها المتأرجحة بين الرفض والقبول أو الصمود والاستسلام تكاد تنحصر بين نقطتي هذا المدى الطبيعي، فنحن قد نعجب بأناس كثيرين، ولكن هل ينبغي علينا أن نعيش هذه الدوامة العاطفية بسرابها المنعطف تارة إلى اليمين وتارة إلى اليسار؟!

لا يا عزيزي علينا أن نعيش حياتنا بمنتهى القناعة والرضا بكل ما كتبه الله سبحانه وتعالى لنا من نصيب ونرضى به ونحمده ونشكره على كل حال.

سيدي الفاضل.. إن التحليل السابق والسريع لما جاء حول مشكلتك بالإضافة إلى تلك المعطيات الواضحة تقودنا إلى الخلاصة التالية:

أو أن أطمئنك بأنك شاب في مقتبل العمر وبداية مشوار حياتك حيث ما زال طرق الحياة أمامك طويلا ولا داعي لهذا التشاؤم.. مهما كانت معاناتك الآن، إلا أنها مؤقتة نتيجة للمرحلة التي تمر بها حاليا وستزول تدريجيا بزوال السبب ومعرفة نتيجة الاستجابة والرد الفعلي من زميلتك، فأنصحك بأن تفاتحها شفهيا دون اللجوء إلى تلك الأساليب الملتوية مثل الرسائل وكتابة رقم هاتفك أو الاستعانة بأحد ما... فحبذا لو تم التفاهم معها بطريقة ودية تتصف بالهدوء والأدب، وعليك أن تعبر عن مدى حبك وإعجابك لها والإشارة إلى موضوع الزواج بأسلوب يمتاز بالذوق مع تقديم كل الاحترام والتقدير لها دون مغالاة أو استدرار لعواطفها ينم عن ضعف أو استسلام في انتظار الشفقة!!

أما في حالة الاستجابة بالرفض وعدم قبول العلاقة بعد مصارحتك لها بذلك، فعليك أن تتقبل الرد بصدر رحب دون أي انفعال وبروح رياضية عالية مقدرا ومحترما رأيها متمنيا لها التوفيق في حياتها مع الحفاظ على علاقة الزمالة بينكما بموقف يخلو من العداء والشوشرة أو الإساءة إليها مع تجنب كل ما يسيء لسمعتها أو التحدث عنها أمام بقية الزملاء، وثق تماما أنك ستكون في موضع الإعجاب والتقدير والاحترام من قبل الجميع.

وأخيرا، كن واثقا من نفسك فإن لم تكن زميلتك هذه من نصيبك، فستنال نصيرا آخر، فالزواج كما يقال قسمة ونصيب، فلا توهم نفسك بأن حياتك رهينة هذه العلاقة... وإنها نهاية العالم، بل تفاءل بالخير وستثبت لك الأيام ذلك، مع تمنياتي لك بالتوفيق وحظا أوفر بإذن الله تعالى.

د.  خالد إسماعيل العلوي
استشاري الارشاد النفسي