+A
A-

شركتا مقاولات تؤخران بناء منزل منذ 2010 وتتسببا بعيوب فيه

ألزمت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) برئاسة القاضي جمعة الموسى وعضوية كل من القضاة محمد توفيق وطارق عبدالشكور ومحمد الدسوقي وأمانة سر عبد الله إبراهيم، شركتي مقاولات أن تدفعا لصالح مواطن تخلفتا عن تنفيذ التزامهما ببناء منزله فضلاً عن تسببهما في حدوث عيوب في البناء، أن تدفعا له مبلغًا مقداره الإجمالي 25 ألفًا و300 دينار، فضلاً عن أن تدفعا له مبلغ تعويضي عن الضرر المادي والمعنوي وقدره 2000 دينار، إضافةً لإلزامهما بالتضامن فيما بينهما بمصروفات الدعوى ومبلغ 20 دينارًا مقابل أتعاب المحاماة.

وتتحصل وقائع الدعوى في أن صاحب المنزل قيد الإنشاء -المدعي- أقام دعواه مطالبًا المحكمة بالحكم له بإلزام شركة المقاولات -المدعي عليها الأولى- بأن تؤدي له مبلغًا وقدره 16000 دينار، وبإلزام شركة المقاولات الأخرى -المدعي عليها الثانية- أن تؤدي إليه مبلغ 9300 دينار، وإلزامهما بالتضامن بأن تؤديا إليه مبلغ 10000 دينار تعويضًا ماديًا وأدبيًا مع إلزامهما بالمصروفات وأتعاب المحاماة.

وأوضح المدعي أنه بموجب عقد مؤرخ 16/3/2010 اتفق مع المدعى عليها الأولى على القيام ببناء منزل له بتكلفة 32000 دينار خلال مدة أقصاها 8 أشهر وبشرط جزائي 50 دينار عن كل يوم تأخير عن موعد التسليم، تتسبب فيه المدعى عليها الأولى.

وأضاف أن المدعى عليها الأولى تأخرت في تنفيذ التزاماتها حتى تاريخ 11/11/2012 حيث أبلغته بعدم قدرتها علي الاستمرار لقلة اليد العاملة، فأبرم عقد آخر مع شركة المقاولات المدعى عليها الثانية بتاريخ 1/12/2012 لاستكمال البناء بتكلفة قدرها 13000 دينار على أن تنهي الأعمال خلال 6 أشهر.

وأضاف أنه في غضون شهر مايو لعام 2013 توقفت الشركة الثانية عن العمل بسبب المشاكل الجسيمة التي ظهرت في البناء وألقت باللوم على المدعى عليها الأولى فحاول المدعي حل الأمر بالطرق الودية مع المدعى عليهما، إلا أنه لم يتمكن من ذلك.

وبيّن المدعي أنه ونظرًا لتلك المعوقات فقد تقدم بدعوى مستعجلة لندب خبير لإثبات حالة البناء، والذي انتهى في تقريره إلى وجود مشاكل جسيمة في العقار ووضح تكلفة اصلاحها ومسؤولية كل من المدعى عليهما، كما بيّن حصول كل منهما على مبالغ مالية تفوق ما قاما به من أعمال وهو ما يعد إثراءً بلا سب على حساب المدعي فضلاً عما أصابه من أضرار نفسية ومادية كان من بينها أنه اضطرّ  إلى استئجار شقة بمبلغ 150 دينار شهريًا ليقيم بها مع أسرته المكونة من 5 أفراد طوال تلك الفترة، بالإضافة إلى تكلفة اصلاح الأضرار.

ونظرًا لتلك الأدلة الثابتة بالأوراق وتقرير الخبير العقاري، قالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه  لما كان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعي كان قد أقام دعوى مستعجلة لإثبات الحالة وقدّم صورةً من تقرير الخبير المنتدب فيها تبين من مطالعته أنه قد تضمّن صورة من عقدي المقاولة المحررين بين المدعي والمدعى عليهما والفواتير التي سدّد بها المدعي للمدعى عليهما المبالغ المتفق عليها، وكانت العقود والفواتير جميعها ممهورة بتوقيعات منسوبه للطرفين، ومن ثم فهي حجةٌ علي كل منهم وقد بلغت قيمة المبالغ المسددة من المدعي للمدعى عليها الأولى 25500 دينار، وللمدعى عليها الثانية مبلغ 7000 دينار، وهو ما أكد عليه الخبير المنتدب فيما انتهى إليه بتقريره الذي تطمئن إليه المحكمة وتأخذ به محمولاً على أسبابه لسلامة إجراءاته والأسس التي بُنِيَ عليها فيما انتهى إليه من أنه عايَنَ العقار محل التداعي فتين له أن عقار التداعي عبارة عن فيلا مكونه من دورين وروف غير مكتملة ومهجورة، وأن المدعي قد تدخل بإحضار مواد دفان غير صالحة لما تحت الخرسانة المسلّحة مما كان له أثر كبير في ظهور الملوحة التي يشكو منها المدعي نفسه، وأن أعمال المساح الداخلي والخارجي من قبل المدعي عليهما الأولى والثانية على مسافة تقارب 25سم أسفل الأرضيات مما سمح بملامسة المساح للدفان وأدى إلى تسرب الرطوبة من خلال الخاصية الشعرية، وأن قيمة الأعمال التي أنجزتها المدعى عليها الأولى تقدر بمبلغ 12000 دينار في حين أن المدفوع لها من المدعي مبلغ 25500 دينار.

وأشارت المحكمة إلى أن قيمة إصلاح العيوب التي أحدثتها المدعى عليها الأولى تبلغ 2500 دينار، وأن قيمة الأعمال التي أنجزتها المدعى عليها الثانية تقدر بمبلغ 3400 دينار في حين أن المدفوع لها من المدعي مبلغ 7000 دينار، وأن قيمة إصلاح العيوب التي أحدثتها المدعى عليها الثانية تبلغ 5700 دينار.

الأمر الذي تخلص منه المحكمة إلى أن المدعي قد اتفق مع المدعى عليهما على القيام بأعمال بناء العقار الخاص به وسدد لهما مبالغ ماليه لقاء ذلك إلا أن المدعى عليهما أخفقا في تنفيذ التزاماتهما ولم ينجزا الأعمال المتفق عليها بالعقدين سند الدعوى والمسدد عنها المبالغ سالف البيان فترصد في ذمة الأولى مبلغ 13500 دينار زائدةً عما أنجزته من أعمال بالإضافة إلى مبلغ 2500 قيمة إصلاح العيوب التي تسببت بها بإجمالي مبلغ 16000 دينار، وترصد بذمة الثانية مبلغ 3600 دينار زائدة عما أنجزته من أعمال بالإضافة الي مبلغ 5700 دينار قيمة إصلاح العيوب التي تسببت بها بإجمالي مبلغ 9300 دينار.

وأفادت أنه لما كانت المدعى عليهما لم تمثلا بالدعوى رغم صحة تكلفيهما قانونًا حتى تدفعا الدعوى بثمَّةَ دفع أو دفاع قد ينال منها أو تقدما بما يفيد براءة ذمتهما من ذلك الدين، الأمر الذي يكون معه ذمة المدعي عليهما مشغولة قِبَلَ المدعي بقيمة المبالغ سالفة البيان مما يكون معه طلب المدعي قد جاء على سندٍ صحيح من الواقع والقانون خليق بالقبول وهو ما تقضي به المحكمة للمدعي.

ولفتت إلى أنه عن طلب التعويض فإنه لما كان من المقرر أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر بذاته خطأً يترتب مسؤوليته و أن النص في العقد على الشرط الجزائي يجعل الضرر واقعًا في تقدير المتعاقدين فلا يكلّف الدائن بإثباته، بل يقع على المدين إثبات عدم تحققه، كما يفترض فيه أن تقدير التعويض المتفق عليه متناسب مع الضرر الذى لحق الدائن، وعلى القاضي أن يعمل هذا الشرط ما لم يثبت المدين خلاف ذلك.

ولما كان ما تقدم وكانت المحكمة قد انتهت وعلى نحو ما سلف بيانه إلى إخلال المدعى عليهما بالتزاماتهما التعاقدية وقد سبب ذلك أضرار مباشرة مادية ومعنوية يستحق عنها التعويض ومن ثم فإن المحكمة تجيب المدعي لطلبه وتقدر التعويض الجابر لتلك الأضرار بمبلغ 2000 دينار، تلزم به المدعى عليهما مناصفةً وهو ما تقضي به.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة أولاً بإلزام المدعى عليها الأولى بأن تؤدي للمدعي مبلغ 16000 دينار، ثانيًا: بإلزام المدعى عليها الثانية بأن تؤدي للمدعي مبلغ 9300 دينار، وبإلزام المدعى عليهما مناصفةً بأن تؤديا للمدعي مبلغ 2000 دينار، تعويضًا ماديًا ومعنويًا، وختامًا ألزمت المدعى عليهما بالتضامن فيما بينهما بالمصروفات ومبلغ 20 دينارًا مقابل أتعاب المحاماة.