العدد 3073
الثلاثاء 14 مارس 2017
banner
غزة والهدوء المضلل
الثلاثاء 14 مارس 2017

رغم أن تقرير مراقب الدولة في إسرائيل حول إخفاقات حرب غزة الأخيرة (الجرف الصامد 2014) التي استمرت 51 يومًا وجه انتقادات جادة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، متهمًا إياه بسوء إدارة هذه الحرب، مؤكدًا أن إسرائيل عانت من إخفاق معلوماتي استخباري حقيقي بشأن عدد الأنفاق التي حفرتها حركة حماس، ووجود فجوة استخبارية لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بشأن ما يحصل في قطاع غزة، إلا أن هناك من يقلل من قيمة هذا التقرير كونه تقريرًا قضائيًا مجردًا عن البيئتين السياسية والعسكرية التي أدارت فيها إسرائيل هذه الحرب ما يفقده الرؤية الشاملة لهذه الحرب، مؤكدا في الوقت ذاته أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني حقق أهدافه من هذه الحرب وهو ردع حماس وشل قدرتها على الفعل والهجوم لأطول فترة ممكنة، وهو ما تحقق بالفعل في ظل الهدوء غير المسبوق على حدود قطاع عزة منذ 2005.

اتهامات تقرير مراقب الدولة قد تحفز دولة الاحتلال الإسرائيلي على شن حرب جديدة لتعويض ما فاتها وتغطية إخفاقها في حرب عام 2014 وخصوصا أن الظروف التي أدت لهذه الحرب مازالت باقية ولم تتغير وأهمها استمرار الحصار المفروض على غزة، والأزمة الخانقة التي يمر بها القطاع على كل المستويات الحياتية والوضع الإنساني والاقتصادي المتردي في غزة، وكلها تدفع باتجاه تكرار ما حدث في 2014، وتغري إسرائيل بإعادة الكرة مرة أخرى وخصوصا أن غزة باتت أكثر عزلة عن محيطها.

يبقى أن هناك اعتبارات أخرى قد تردع إسرائيل عن شن حرب جديدة ضد قطاع غزة، وهي اعتبارات لا تتعلق بميزان القوى أو حسابات إقليمية ودولية، إنما ترتبط بالخوف من تحمل مسؤولية هذا القطاع بعد تدميره المتوقع في مثل هذه الحرب وبالتالي إضافة عبء كبير على كاهل إسرائيل سواء في إدارة قطاع غزة أو في إعادة بنائه مرة أخرى، وهو ما يرجح احتمال بقاء الوضع على ما هو عليه من الهدوء المشوب بالحذر والتوتر مع إمكانية التصعيد العسكري “المحدود” بين فترة وأخرى بهدف بقاء حماس ولكن في حالة من الضعف والعزلة بما يجعلها غير قادرة على أن تمثل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .