العدد 3010
الثلاثاء 10 يناير 2017
banner
انتكاسة الحرية بيد دعاتها (1)
الثلاثاء 10 يناير 2017

أولا: نقرأ في الكثير من دساتير العالم عن القانون الطبيعي وكونه يمثل أحد مصادر التشريع في الكثير من الدساتير، إضافة للمصادر الأخرى المألوفة كالعرف والدين والقانون الدولي وغيرها، إلا أن ذلك يتم دون تفسير مبسط يمكن أن يفهمه الشارع والمواطن العادي لمصطلح القانون الطبيعي الذي يجري الحديث عنه بثورة دائمة، وإنما يوضع كجملة مبهمة وغير واضحة عند الكثيرين الذين يوافقون على الصيغ الدستورية التي تعرض عليهم دون محاولة للفهم أو التفسير، فالقانون الدولي ربما يكون مفهوما للبعض كنصوص ومفاهيم، والعرف يمكن تفسيره وتوضيحه لمن يريد المعرفة والدين يفهمه ويعرف خفاياه جميع من يدينون به في الدول المختلفة، إلا أن القانون الطبيعي يمثل غموضا كما قلنا عند الكثيرين حتى بعض العاملين في مجال القانون لذلك نجد الباحثين أو القراء يحاولون فهم ومعرفة المقصود بتلك العبارة فلا يجدون مصدرا واضحا لتلك العبارة.

هل المقصود بالقانون الطبيعي مجموعة الأعراف التي كانت سائدة أو تشكلت بمرور الزمن منذ بدء الخليقة وما كان يتمتع به الإنسان الطبيعي من حقوق وحريات، أم هي الكيفية التي كان يعيش بها الإنسان بغض النظر عن الحقوق الملزم بها والحريات التي يتمتع بها أم ماذا؟ فالطبيعة المجردة لم تضع قانونا واضحا ولم تكتب شيئا من ذلك القبيل ولو أردنا الحديث بصورة مبسطة للقارئ لقلنا إن المقصود بالقانون الطبيعي أنه لا يخرج عن الحريات والحقوق المذكورة في الدساتير بصورتها الأولية البدائية حيث كان الإنسان يملك حقه في الحياة والتملك والتنقل والتعبير...إلخ ولا شيء يتجاوز ذلك.

يقول المفكر العربي د.عصمت سيف الدولة عن تلك العبارة “إن فكرة القانون الطبيعي التي أدخلت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر بصيغة “خلق جميع الناس متساوين، منحهم الخالق حقوقا لا يجوز المساس بها منها حق الحياة والحرية” التي جاءت في إعلان الاستقلال الأميركي عام 1776 أو بصيغة “يولد كل الناس أحرارا متساوين في الحقوق” والتي جاءت في إعلان الحقوق الفرنسي عام 1789، وما يبدو أن هذه العبارة – أي القانون الطبيعي - لا تعنى بحال من الأحوال بغير الحقوق والحريات التي يجب أن تكون لدى الإنسان الطبيعي ويتمتع بها وأنه تم ابتكارها واستخدامها من قبل المفكرين والفلاسفة كوسيلة للمحافظة على تلك الحقوق والحريات، ولذلك انتشرت في معظم دساتير العالم بعد ذلك كملجأ يمكن العودة إليه في حال لم يجد المشرعون مصدرا لما يريدون تدوينه في الدساتير لحفظ حقوق وحريات أفراد المجتمع... يتبع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية