من بين التصريحات المهمة والاتهامات الخطيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أثناء حملته الانتخابية قوله إن الرئيس باراك أوباما ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون هما من قاما بتأسيس تنظيم داعش، وأوباما هو من زرع الفوضى في الشرق الأوسط.
قد يجد البعض صعوبة في الربط المباشر بين ظهور تنظيم داعش وبين أوباما، لكن من السهولة بمكان القول إن سياسات أوباما ومن قبله بوش الابن كان لها الأثر الأهم في حالة الفوضى والإرهاب عمومًا في منطقة الشرق الأوسط وفي أجزاء كثيرة من العالم، وداعش جزء من هذا الإرهاب، والصورة الأسوأ له.
البداية كانت مع غزو العراق عام 2003 واحتلاله وما صاحب ذلك من سياسات جسدت حالة صارخة من “الغباء” وعدم الفهم لطبيعة هذا البلد الذي كان قويا وموحدًا ويمتلك جيشا وطنيا متماسكا وله عقيدة صحيحة في الدفاع عن الدولة وأبنائها دون أي تمييز، فكان العراق خاليًا من أية جماعات مسلحة أو إرهابية كتنظيم داعش أو غيره.
بدأوا برفع الشعارات البراقة الفارغة ومن أهمها تخليص العراق من الديكتاتورية والعمل على إحلال نموذج جديد في الديمقراطية وحقوق الإنسان ونسوا أو تناسوا العمود الذي يرفع أية دولة ويجعلها قادرة على تحقيق هذا النموذج، أي الأمن، وهو أمر تفهمه أميركا جيدًا لكنها لم تتجاهله فقط، بل عملت على تقويض هذا الأمن والحيلولة دون تحقيقه.
لا يمكن لدولة تزعم أنها تريد تحقيق الأمن أن تقوم بحل المؤسسة التي تقوم بهذا الدور وهي الجيش، لأن ذلك بمثابة أكبر دعاية للعنف والفوضى وسيادة قانون الغاب، إضافة إلى تعريض المنتمين لهذه المؤسسة التي تم حلها للبطالة والتهميش بل والانتقام من قبل آخرين بأية ذريعة كانت، وبالتالي التحول إلى حالة من الاقتتال الداخلي والسعي الدائم لامتلاك السلاح بعيدا عن أي قانون لضمان التفوق في هذا الاقتتال والعمل على تدمير الآخر.
على الصعيد المدني، كان قانون اجتثاث البعث كارثيًا على العراق، حيث أدى إلى فقدان الآلاف من الأكفاء والخبراء العراقيين وظائفهم الحكومية، إضافة إلى تحول هؤلاء إلى عناصر غير مرغوب فيها في نظر بعض أفراد المجتمع وهو ما ساهم في تعميق حالة الانقسام والصراع بين عراق (المستقبل) الذي ترغب واشنطن فيه وأدواته ومؤسساته وعراق الأمس الذي كان مستقرًا وقويًا بأدواته ومؤسساته قبل مجيء أميركا بأفكارها الخطيرة وسياساتها التي كرست حالة من العداء بين أبناء الشعب الواحد.
بعد شهور قليلة غاب القانون عن العراق وانهار النظام، وانتشرت الفوضى وأعمال السلب والنهب وتفككت المنظومة الاجتماعية، وسادت حالة عامة من الخوف من الآخر والعمل على إقصائه والقضاء عليه بكل السبل الممكنة، فخلقت البيئة المناسبة لظهور حركات العنف وتنظيمات الإرهاب في مختلف أنحاء البلاد وكان من أخطرها تنظيم داعش الإرهابي.