العدد 2975
الثلاثاء 06 ديسمبر 2016
banner
قمة المنامة بين الاقتصاد والسياسة
الثلاثاء 06 ديسمبر 2016

بقدر الأهمية الإستراتيجية القصوى التي تحظى بها منطقة الخليج العربي بقدر ما هو حجم التحدي الذي يواجه دولها وشعوبها للحفاظ على أمنها استقرارها، وبقدر الحاجة على الدوام إلى التفكير في حلول غير تقليدية ليس للتعامل مع معطيات الحاضر وتحدياته فقط، وإنما لرسم المستقبل الذي نريد لأبنائنا  ولتحديد آلية واضحة للتعامل مع جيراننا ومع حلفائنا وأصدقائنا وحتى مع خصومنا.

نكاد نتفق جميعا على قيمة وأهمية منطقة الخليج لجميع دول العالم التي تسعى بكل ما أوتيت من قوة وحيل لأن يكون لها وجود بها وعلاقات مع دولها تؤمن بها مصالحها وتعزز بها مكاسبها، كما نكاد نتفق جميعا على التحديات التي تواجهنا وتؤثر على مصير ومستقبل دولنا، إضافة إلى اتفاقنا على الأطر الضامنة للمواجهة الفاعلة والانتقال السلس للمستقبل الذي نرتضيه ولا نقبل عنه بديلا من الرخاء والازدهار، وفي مقدمتها الاتحاد الخليجي الذي يعد علاجًا ناجعًا لكل ما نراه من خلل ويجمع بين سلامة الاقتصاد ومتانته وقوة السياسة وفاعليتها.

ولهذا، فإننا نتساءل لماذا لم يتم إلى الآن الإعلان عن الانتقال من مرحلة التعاون بين دول المجلس إلى مرحلة الاتحاد، والتي نؤمن تمامًا بجدواها ونوقن بحسمها وحزمها في التغلب على المخاطر كافة التي تحيط بنا؟.

تمر دولنا بمرحلة لا يمكن تجاهلها من القلق جراء التوغل الإيراني في دول عدة وتفاخرها بالهيمنة على أربع عواصم عربية، وبصلابتها أمام المفاوض الغربي وإجباره بنهاية المطاف على توقيع الاتفاق النووي الذي كان بمثابة حلم تم تحقيقه للدولة الإيرانية وجنت من ورائه الكثير.

لم تتمكن إيران من تحقيق ذلك وأكثر في غفلة من الزمن مثلاً، وإنما بعد جهد كبير وإصرار كبير على الوصول لهذه الأهداف، فحققتها ولن تتوقف عندها وإنما سوف تستمر في مساعيها الرامية لبسط نفوذها على المنطقة لتكون بمثابة الآمر الناهي فيها.

وبرغم جسامة التحديات وخطورة المشهدين الإقليمي والعالمي، إلا أن تلاقي قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية دائمًا باعث للأمل، فعندما شاهدنا وصول هؤلاء القادة ضيوفًا أعزاء على أرض مملكة البحرين دبت فينا أجواء السعادة وروح التفاؤل، لأننا لم نعهد على هذه اللقاءات المباركة إلا الخير الوفير لدولنا وشعوبنا، ولأننا نثق تمام الثقة في أن حكمة قادتنا ورؤاهم الثاقبة هي التي تهزم الصعاب كافة وتتخطى كل الحواجز والعراقيل التي تعترض سبيل المزيد من التقدم والرخاء والتنمية والازدهار.

ولهذا كله، فإننا، وإذ نرحب اشد الترحيب بقادة دول مجلس التعاون بمملكتنا الحبيبة، يملؤنا الأمن واليقين بأن أمامنا أفقاً جميلاً وساطعاً سيتحقق من خلال قادتنا ومسعاهم المبارك وعملهم الدؤوب من أجل الاتحاد الخليجي الذي باتت الحاجة الماسة إليه أكثر من أي وقت مضى، من أجل تشكيل قوة إقليمية كبرى ترسخ الاستقرار الأمني والديمومة التنموية، وانتقال دول المجلس من حالة الدفاع ورد الفعل إلى المبادرة والفعل على المستويات كافة، بما يترجم قوتها الحقيقية ودورها الفاعل على الصعيدين الإقليمي والدولي، ويجعل منها سادس أكبر اقتصاد على مستوى العالم، لاسيما وأن الإرادة السياسية في هذا الاتحاد موجودة والرغبة الشعبية فيه جارفة والمقومات اللازمة له موجودة ومتوفرة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .