العدد 2953
الإثنين 14 نوفمبر 2016
banner
نبض العالم علي العيناتي
علي العيناتي
“التانغو” بلا إيقاع!!
الإثنين 14 نوفمبر 2016

لم يكن منتظرًا على الإطلاق سقوط المنتخب الأرجنتيني أمام المنتخب البرازيلي بهذه النتيجة الساحقة حتى من أكبر عشاق السيلساو البرازيلي، نظرًا لحساسية هذه المواجهة التي تجمع ما بين أكثر منتخبين عداوةً في تاريخ كرة القدم، فالفوز البرازيلي كان متوقعًا قبل انطلاق المباراة لتفوقه الفني على التانغو الأرجنتيني الذي يمر بمرحلة هبوط كبير في المستوى، لكن الفوز بهذه النتيجة العريضة هو ما أصاب المتابعين بالذهول خصوصًا وأنها كادت من الممكن تكون قابله للزيادة لولا استهتار بعض اللاعبين البرازيليين ومحاولة إظهارهم لمواهبهم أمام جماهيرهم الغفيرة التي حضرت المباراة في مينيراو!!.

شخصيًّا كنت أتوقع أن تفوز البرازيل باللقاء الذي غالبًا ما يصعب فيه التوقع، وذلك لعدة اعتبارات أبرزها أن المنتخب البرازيلي بقيادة المدرب تيتي يمر بمرحلة ممتازة جدًّا من حيث التطور في الأداء من مباراة لأخرى، بالإضافة لعامليّ الأرض والجمهور، مع الوضع في الاعتبار المستوى الهزيل والنتائج المتردية التي حققها المنتخب الأرجنتيني في المباريات السابقة، ونظيرًا لكل هذه العوامل، فإن كفة الفوز بنقاط هذه المباراة المهمة كانت تتأرجح للمنتخب البرازيلي أكثر، وبالتالي لم يكن فوز راقصي السامبا مستغربًا، بيد أن ما أدهشني حقًّا، المستوى المتواضع جدًّا الذي قدمه لاعبو التانغو والذي لا يتناسب وحجم منتخب دائمًا ما كان يعتبر الند الأكبر لأسياد العالم عبر كل العصور!!.

مما لا شك فيه أن أسباب هذا الإخفاق الأرجنتيني كثيرةٌ جدًّا، ولا يمكن حصرها في هذه المساحة الضيقة، لكننا سنحاول بقدر المستطاع التطرق لأبرزها، فالسبب الأول لخسارة الأرجنتين المذلة يعود لسوء إدارة مدرب المنتخب إدغاردو باوزا من حيث اختياراته للتشكيلة التي بدأت اللقاء، وعدم توظيفه الصحيح اللاعبين بما يتناسب مع إمكاناتهم، ناهيك عن عدم توفيقه في اختيار التكتيك المناسب للمباراة وضعف قراءته لقوة المنتخب البرازيلي، كل هذا أدى إلى أن يظهر المنتخب الأرجنتيني بلا هوية واضحة كلفته اللعب العشوائي وعدم التمركز الصحيح للاعبين مما ساهم في إظهار جميع الخطوط بحالة مفككة للغاية!!.

ومن هذا المنطلق، يجب عدم تحميل قائد المنتخب ليونيل ميسي مسؤولية عدم قدرته على قيادة التانغو واللعب بنفس العطاء الذي يقدمه مع ناديه برشلونة الاسباني، فالظروف مختلفة جدًّا بين البيئتين ولا يمكن المقارنة بينهما، فميسي عندما يبدع في برشلونة يكون ذلك لأسباب واضحة العيان، فهناك من يلعب بجانبه بكفاءة كبيرة تساعده على تقديم ما هو مطلوبٌ منه داخل الملعب فقط ولا يكون بحاجة لأداء مهام أخرى كما يحدث له مع الأرجنتين، فميسي الذي يلعب في الناحية اليمنى مع الأرجنتين يجد نفسه مضطرًّا للرجوع للخلف لاستلام الكرات التي يعجز عن توصيلها له لاعبو الوسط، وعندما يستلم الكرات لا يجد من يلعب بجانبه ويساعده في اختراق دفاعات الخصم كما يفعل سواريز ونيمار وانيستا في برشلونة.. لذلك ميسي يجب أن تتم معاملته عند وسائل الإعلام حاله كحال أي لاعب في المنتخب الأرجنتيني وعدم تحميله مسؤولية الإخفاق كلما خسر المنتخب الأرجنتيني وترنح، فالظروف التي يلعب بها في برشلونة مختلفة تمامًا عن الظروف التي يلعب بها مع الأرجنتين، وعلى هذا الأساس يجب التفريق بين ميسي برشلونة وميسي الأرجنتين والتمييز بينهما!!.

وبالعودة للقاء الكلاسيكو، فإن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم قد اتخذ قرارًا صائبًا بتعيين المدرب تيتي ليخلف دونغا في قيادة السامبا، فتيتي وضع في نصب اعتباره إلى ضرورة أن تعود شخصية المنتخب البرازيلي التي سُلبت من المانيا في المونديال الاخير، ووثق أن ذلك لن يحدث إلا بتحقيق الانتصارات وتقديم المستويات الكبيرة، وهذا ما تحقق بالفعل، فالمنتخب البرازيلي أصبح يقدم كرة جميلة ويفوز ويمتع كما كان العهد دائمًا، وما الفوز الذي تحقق على الأرجنتين إلا امتداد للمسيرة الناجحة التي يقود فيها تيتي منتخب السيلساو بكل اقتدار.

فوز البرازيل الكبير أمن لها التواجد في مونديال روسيا ضمن الأربعة المتأهلين مباشرةً، بينما الأمور ستكون معقدة جدًّا على المنتخب الأرجنتيني التي يتخلف عن المراكز الخمسة الأولى، وأصبح بحاجة لعدم التفريط في النقاط في المباريات القادمة إذا ما أراد التواجد في مونديال روسيا، وإلا سيجد نفسه متخلفًا عن اللعب في أكبر محفل كروي للمرة الأولى منذ 40 عامًا!!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية