بدت الانتخابات الرئاسية الأميركية قبيل إجرائها وكأنها ستكون الأسهل في تاريخ الدولة الأميركية، وبمثابة نزهة للمرشحة "هيلاري كلينتون" التي أكدت جميع استطلاعات الرأي تفوقها وحسمها الانتخابات إما بفارق واسع أو بفارق مريح على الأقل، حتى أن استطلاعا لرويترز/إبسوس أكد قبل ساعات قليلة من الانتخابات أن فرص المرشحة الديمقراطية كلينتون للتفوق على خصمها الجمهوري ترامب والفوز بالسباق الرئاسي تصل إلى نحو 90 %، وذلك في ختام حملة انتخابية محمومة، وأن كلينتون في طريقها لحصد 303 من أصوات المجمع الانتخابي مقابل 235 صوتا لترامب.
إلا أن هذه الانتخابات تحولت بعد انتهاء السباق بفوز المرشح دونالد ترامب إلى أصعب انتخابات من حيث تفسير نتائجها المفاجئة التي لم تكن متوقعة على الإطلاق ولم تكن لها أية مؤشرات أو فرص للحدوث ولو بمقدار ضئيل وفق جميع الخبراء والمحللين والمتابعين ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث التي أجمعت كلها على فوز سهل لكلينتون.
ورغم ذلك، ظهرت تفسيرات وقراءات مختلفة لأسباب فوز ترامب، ذلك المرشح الذي جاء من حيث لم يحتسب الجميع، ولم يكن أحد يأخذه قبل نحو عام على محمل الجد، ونظر إليه على أنه مجرد مهرج أو بهلوان ولن يصل لنهاية السباق الانتخابي.
من بين هذه الأسباب، أسلوب إدارة الحملة الانتخابية، حيث أدارها ترامب بين الجمهور معظم الوقت، ولم يشغل نفسه بما تقوله استطلاعات الرأي، وأعطى ترامب الولايات التي كانت بعيدة المنال عنه مثل ويسكونسن وميتشيغان مزيدا من الاهتمام والزيارات لكسب أصواتها.
ترامب قدم نموذجًا جديدًا للحملات الانتخابية الميدانية غير التقليدية، حيث كان يقوم بمسيرات ضخمة بين الناس على خلاف كلينتون التي اكتفت حملتها بالأسلوب التقليدي الذي يقوم على مجرد حث الناخبين على التصويت وعدم الالتفات إلى أهمية تواجد المرشح بين الناس على الأقل لتقريب المسافات وخلق علاقة مع الجمهور.
من الأسباب أيضًا خطاب ترامب خلال الحملة الانتخابية الذي ركز بشدة وبأسلوب صريح ومباشر على التخويف من أن السياسات الاقتصادية وسياسات الهجرة التي اتبعها الديمقراطيون ستؤدي إلى فقدان البيض من أبناء الطبقة المتوسطة وظائفهم، وسيطرة المهاجرين والسود على مقاليد الأمور، وستجعل من البيض الأميركيين أقلية عددية.
هذا الخطاب "العنصري" لترامب الذي استند بالأساس إلى وجود مخاوف فعلية من سيطرة "السود" وخصوصا بعد فوز باراك أوباما بالرئاسة عام 2008م، ساعد ترامب في تحقيق شعبية داخل ولايات ذات أكثرية بيضاء وكانت محسومة للحزب الديمقراطي مثل ميشيغان وويسكنسن وبنسلفانيا. وللحديث بقية.