العدد 2921
الخميس 13 أكتوبر 2016
banner
سوريا بين روسيا وأميركا
الخميس 13 أكتوبر 2016

قبل عام تقريبا من الآن كتبت في هذه الزاوية عن التدخل الروسي – وكان قد بدأ للتو حينها – وكان التساؤل حينها هل سيؤدي التدخل إلى نشوب حرب عالمية ثالثة أم لا؟ ثم عزز التدخل الروسي ذاته وأصبح اللاعب الرئيسي في الساحة السورية وسحب البساط من الآخرين وقدرتهم على اتخاذ القرار ومنهم النظام السوري نفسه الذي بدأ يأخذ أنفاسه بسبب قوة التدخل الروسي واستطاع بالتالي استعادة الكثير من الأراضي التي هيمنت عليها قوى أخرى غير قوات النظام. بعد ذلك، وبعد أن رأى الجميع الإصرار الروسي، خفت حدة المواجهة بين القوى الداعمة المختلفة وبدأ فرز الأطراف المختلفة ما بين معارضة معتدلة ومعارضة إرهابية مع صعوبة الفرز على الساحة السورية كون الجميع يحارب الجميع والجميع يقتل الجميع، ساحة ضاعت فيها المواقف والمبادئ، ولكن الدور الروسي بسط همينته وضاعت القدرة الأميركية على التأثير والفعل وتحولت إلى مجرد صوت كما هو حال الكثيرين من الذين يقولون ما لا يفعلون.
ولكن في الأيام الأخيرة بدأ الكثير من المراقبين يتحدثون عن ازدياد فرص التصادم بين القوتين – روسيا وأميركا – وبالتالي احتمال نشوب الحرب بينهما بأية شرارة يمكن أن تشعل الفتيل، ومع ذلك لا نرى أن هذه المواجهة المباشرة محتملة الحدوث أو قائمة، وبالتالي نستبعد نشوب الحرب المباشرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي كونهما يعيان نتائج هذه المواجهة، وفي نفس الوقت فإن ما نفهمه أن الولايات المتحدة الأميركية لا تضع الجبهة السورية على قمة سلم الأولويات لديها حاليا ولا تريد إنهاءها وهي التي عملت منذ البداية على استمرارها، بل هي ربما تريد استنزاف روسيا على هذه الساحة قدر الإمكان واستنزاف القدرة العربية إلى أقصى قدر ممكن، وفي نفس الوقت فإن مسيرة الرئيس الأميركي منذ نشوب القتال في سوريا توحي بذلك وتفيد بأنه (أعقل!) من خوض الحرب مع روسيا أو غيرها على الأرض السورية، والأهم من ذلك أن روسيا دخلت بطلب ومباركة من نظام قائم وهذه الصفة ليست متوفرة عند الأطراف الأخرى التي لا وجود رسمي لها وهو ما يعني تردد الكثير من الأطراف الداعمة للمعارضة في أمر الدخول المباشر إلى الأرض السورية خصوصا مع وجود قوات روسية سبقت الجميع وخلقت وضعا جعل الأطراف الأخرى تتردد كثيرا في الدخول خوفا من التصادم مع الدب الروسي.
 حالة واحدة تعطي المعارضة تلك القدرة، وهي تمكنها من الاستيلاء على أرض متكاملة وقيامها بإعلان حكومة على تلك الأرض وطلبها الاعتراف الدولي، حينها ستكون لها القدرة على طلب العون رسميا، ولكن هذا أمر مستبعد حاليا، لذلك ستستمر الحرب كما قلنا سابقا إلى أمد مفتوح... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .