العدد 2883
الإثنين 05 سبتمبر 2016
banner
الأسئلة غير المشروعة لدى الأمة المفجوعة
الإثنين 05 سبتمبر 2016

أشد ما يثيرنا، تحدث البعض عن الحرب التي تشنّ على الدول، ولكن لنعد إلى أصل المسألة، البعض قسّم الحرب إلى أربعة أجيال، الجيل الأول استخدم الأسلحة البيضاء وما جاورها منذ بدء التاريخ وحتى اخترعت الأسلحة النارية، التي غيرت مفاهيم الفروسية والشجاعة والقوة العضلية والمبارزة بين الأبطال، وحتى أتى السلاح النووي.
وقيل، إن الحروب في التاريخ الحديث مرّت بأربعة أجيال، من المرحلة النابليونية التي انتهى عندها الجيل الأول الذي تشكلت فيه الجيوش بزيّها الموحّد، وتراتبياتها، وألقاب جنودها وضباطها، إلى الجيل الثاني الذي أخلص للنظام العسكري السابق وهيراركية الجيش، ولكنه استخدم القوة النارية الشاملة، كما في فرنسا عشية الحرب العالمية الأولى، وكانت فلسفتها “المدفعية تقهر، والمشاة تحتل”، ولكن هذا الجيل تبدّلت ملامحه في الحرب العالمية الثانية على يد ألمانيا التي أنهت مسألة المواجهة والتدافع بين الجيشين النظاميين، إلى المبادرة والارتجال والتشويش واختراق صفوف العدو وصولاً إلى مؤخرته، ومن ثم الإحاطة به. وبقيت الحرب هي الحرب، وتطوير السلاح هو نفسه، وإن زادت ضراوته.
المقولتان تلتقيان عند الجيل الرابع من الحروب، وهو الذي بدأ بعد الحرب العالمية الثانية، فاعتمدت الدول فيه على الاختراق الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وتذويب الكثير من المفاهيم القارة لدى أعدائها، وتليين المواقف المتصلبة إزاء القضايا الكبرى، وتحييد الأجيال تباعاً، وجعلها لا قرار لها، ولا موقف قارّ تجاه أية مسألة كان الناس يتساقطون دونها ضحايا، قتلى، شهداء، هذه العقائد: الوطنية، والدينية، والقيمية، يجري أمر إذابتها ومحوها لتقليل العصبية والحميّة.
إذا ما أردنا فحص موقعنا من الأجيال الثلاثة من الحروب، سنجد أننا لا نزال نكثر من شراء أسلحة الجيل الثاني (جيل النيران الشاملة)، مع ملاحظة كلمة “شراء”، لأن التصنيع العربي للسلاح محدود جداً، وتتحرج الكثير من المحافظ الاستثمارية، العربية التقليدية منها ومتّبعة الفتاوى الإسلامية في الأموال، في الدخول إلى حيث تصنيع السلاح، وشراء حصص من هذه الشركات!
إن ضعف التكوين العلمي ووجود النماذج العالمية الأفضل، والتمييع المستمر للثوابت، تمهّد نصف الطريق للغزو، ولكنه هذه المرة “الغزو من الداخل” كما أسماه الشاعر عبدالله البردوني، قائلا: “غزاة اليوم كالطاعون... يخفى وهو يستشري”، فهل ستتفرغ الأنظمة لمواجهة الأخطار الخارجية بهذا السلاح الناري؟!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .