العدد 2833
الأحد 17 يوليو 2016
banner
إيران ونشأة الإرهاب (1)
الأحد 17 يوليو 2016

من بين التفجيرات الكثيرة التي شهدها العالم في الأيام الأخيرة، كان التفجير الذي وقع في منطقة الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة الأسوأ والأشد وقعاً على نفوس المسلمين عامة، للحساسية الشديدة والأهمية القصوى والقدسية الكبيرة لهذه البقعة المباركة في الوجدان الإسلامي.
هذه الجرأة غير المسبوقة على المدينة المنورة وحرمها بهذه الصورة جعلت البعض يستبعد احتمالات تورط تنظيم “داعش” الإرهابي وهو المتحدث الرسمي باسم الإرهاب في عالم اليوم في هذه الهجمات، على أساس أن التنظيم “سني” ولا يمكن أن يقدم على مثل هذا الفعل شديد الحمق، أو يقع في مثل هذا الإجرام الخطير، ما دفع هؤلاء إلى ترجيح تورط إيران (وليس داعش) في تفجير المدينة المنورة، وكأن هناك فارقا بين الاثنين على اساس وجود اختلاف في المذهب بين إيران “الشيعية” والتنظيمات الإرهابية “السنية”، وهي فروقات غير موجودة على الصعيد العملياتي.
فقد بات واضحًا أن ايران هي أكبر الدول المستفيدة من حركة الإرهاب المتنامية وموجته المتفاقمة التي تنسب في معظمها لتنظيم داعش الإرهابي وسلفه القاعدة  لتؤكد “إرهاب” العرب والمسلمين “السنة” وتشوه الدين الاسلامي “السني” امام العالم.
إيران تقوم باستغلال شباب “سني” جاهل ومتهور وأحمق ليكون وكيلاً عنها في ممارسة الإرهاب والإجرام بكل وقاحة ويكون وسيلة لاحتلال دول كالعراق والعبث بأخرى كسوريا وإشاعة الفوضى في الدول العربية لتحقيق أحلامها في اقامة امبراطوريتها على بلاد العرب.
لا يمكن أن نلوم دولة إرهابية على استغلال جماعات إرهابية لتنفيذ رغباتها، بل أظن أن قادتها يصنفون هذا الفعل في تعداد النجاحات التي يحرزونها وفي خانة المفاخر التي يعتزون بها، فهي تضرب عصافير عدة بحجر إرهابي غريب عنها ويبعد الشبهات عنها، من بينها نشر الفوضى في دول بعينها، وتشويه المذهب السني لتكون هي البديل الجاهز له والراغب في سد فراغه ومعالجة قصوره.
لكننا نتساءل عما جنته هذه التنظيمات الإرهابية سواء القاعدة أو داعش من علاقتها بإيران، وهل تمكنت من تحقيق الأهداف التي ترفعها ومن بينها طرد “الصليبيين” من جزيرة العرب، وإقامة دولة إسلامية، وهل ما حققوه من انتصارات ميدانية جزئية ومؤقتة وما نفذوه من هجمات انتحارية كل ما يحلمون به، ولا يمكنهم تنفيذها إلا بالتعاون مع إيران.
تذهب غالبية التحليلات إلى أن العلاقة بين إيران و”القاعدة” ومن بعدها “داعش” هي علاقة اعتماد متبادل ودعم لوجستي بين الطرفين، لكنني أميل إلى أن العلاقة هي علاقة “نشأة”، أي أن إيران كانت المساهم الأبرز في نشأة هذه التنظيمات الإرهابية وليست علاقة مستجدة أو طارئة بعد إيجادها.
ونشر موقع ويكيليكس وثائق سرية أميركية غاية في الخطورة والأهمية كونها تثبت العلاقة الواضحة للجميع الآن بين إيران والإرهاب المنتشر في أنحاء العالم بدرجة غير مسبوقة بعد ان باتت التفجيرات الإرهابية تسيطر على أجزاء كبيرة منه.
الوثيقة تعود إلى نوفمبر من العام 2006 وهي بعنوان “سجلات حرب العراق.. تكتيكات التفجيرات الانتحارية الجديدة لتنظيم القاعدة”، وتشير إلى جذور وتطورات العلاقة بين إيران وتنظيم القاعدة، حيث تعود إلى 1979، وهو عام ما يسمى بالثورة الإسلامية الإيرانية والذي شهد قيام “متطرفين سنة” بالاستيلاء على الحرم المكي الشريف، في تمازج نادر بين ثورة “شيعية” وتطرف “سني”... للحديث تتمة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية