+A
A-

مدفع الإفطار.. لماذا ارتبط اسمه بالشهر الكريم؟

مدفع الإفطار أو “مدفع رمضان” بات من المورثات التاريخية التي تراكمت عبر السنوات الطوال في البحرين، حيث يعد مدفع الإفطار مظهراً من مظاهر شهر رمضان المبارك، فقد ارتبط اسمه بالشهر الكريم وروحانياته، كما يحكي ذكريات قديمة يستمتع بها الأهالي باسترجاعها بين الحين والآخر.
مدفع الإفطار في التاريخ
تتوارث المجتمعات العربية منذ مئات السنين عادة إطلاق المدفع للإعلان عن حلول وقت الإفطار خلال شهر رمضان، ويعتبر مدفع الإفطار من التقاليد المتبعة في العديد من الدول الإسلامية، ويذكر المؤرخون أن القاهرة هي أول مدينة ينطلق فيها مدفع رمضان مصادفة في أول يوم من رمضان العام 865 هـ.
وتختلف الروايات التاريخية في تحديد من هم أول من استخدم هذا المدفع لتحديد لحظة إفطار الصائمين، لكن غالبيتها تجمع على أن الأمر تم بمحض الصدفة، ومن ثم بدأت الفكرة تنتشر في أقطار الدول الإسلامية، فانتقلت إلى القدس ودمشق ومدن الشام الأخرى ثم إلى بغداد، ومنها إلى كافة أقطار دول الخليج العربية ومنها البحرين.
مدفع الإفطار في البحرين
تذكر بعض المصادر أن مدفع الإفطار في البحرين يعود إلى ما قبل عصر النفط، وانتقلت هذه العادة من عدة بلدان عربية إلى البحرين.
ويسمى مدفع الإفطار في البحرين وبعض دول الخليج العربية “بالواردة”، فكان الناس يقولون “ثارت الواردة”، بمعنى أطلق المدفع.
“ارمِ” بهذه الكلمة منذ مطلع الثلاثينات تطلق ذخيرة صناعية من مدفع الإفطار في مملكة البحرين، وعادة ما يقوم أفراد من رجال الأمن بإطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس معلناً حلول موعد الإفطار خلال شهر رمضان المبارك، وكذلك يطلق المدفع في بداية الشهر معلناً دخول شهر رمضان، ويطلق كذلك عند رؤية هلال شوال معلناً حلول عيد الفطر السعيد، ويطلق أيضاً عند حلول عيد الأضحى، وتكون عدد طلقات العيد 12 طلقة.
ويذكر مستشار حكومة البحرين تشارلز بلجريف في مذكراته أنه في يوم “ السبت الأول من مارس 1930م، أطلقت مدافع العيد وقرعت أجراس مركز الحريق، وصادف يوم الأحد 2 من مارس، أول أيام عيد الفطر، وهو ما يوضح أن المدفع كان يطلق ليلة العيد لإعلام الناس بحلول العيد.
مكان مدفع الإفطار
تشير بعض المصادر أن شمال المنامة (فرضة المنامة) هو الموقع المخصص لمدفع الإفطار في البحرين قديماً، ومن ثم انتقل موقع مدفع الإفطار قديما إلى الأرض المقابلة لسوق المنامة المركزي بعد دفن جزء من البحر لإنشاء السوق المركزي، وبقي مكان المدفع في هذا المكان من المنامة لعدة عقود.
وهنالك مدفع آخر في جزيرة المحرق، وتشير المصادر أن موقع مدفع الإفطار يقع على ساحل البحر بالمحرق قرب مركز شرطة المحرق الحالي، إلى أن احتضنته قلعة عراد التاريخية بالمحرق، وكان المشرف على مدفع الإفطار بمدينة المحرق هو الشيخ حسين بن إبراهيم البنكي إمام مسجدي عبدالله بن محمد الجامع المعروف حالياً بمسجد (قباء)، ومسجد خليفة بن موسى بالمحرق، وهو تلميذ القاضي الشيخ عبداللطيف بن علي الجودر.
الإشراف على مدفع الإفطار
توكل مهمة الإشراف على مدفع الإفطار والإمساك وضبط التوقيت لأحد شيوخ الدين الذين يحددون موعد غروب الشمس بالوقت مقارنة بغروب الشمس الفعلي.
ويتولى تعيين المشرف على مدفع الإفطار والإمساك سابقاً قضاة الشرع في البحرين، ويتم اختيار المشرفين على المدفع ممن يعرفون بالأمانة وضبط التوقيت، وتتولى وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف حالياً هذه المهمة.
حيث يقوم الشيخ المشرف على مدفع الإفطار والمرافق لرجال الأمن بالتأكد من دخول الوقت من خلال الساعة التي يحملها بيده، والتحقق الفعلي لغروب الشمس، حيث ينظر إلى ساعته ليضبط وقت إطلاق مدفع الإفطار، وثم يصدر توجيهه حين يحين الوقت بكلمة “ ارمِ”.