العدد 2788
الخميس 02 يونيو 2016
banner
تأثيرات انخفاض أسعار النفط
الخميس 02 يونيو 2016

الندوة التي نظمتها الجامعة الأهلية أمس الأول عن انخفاض أسعار النفط وتأثيراته على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر مبادرة متميزة في فتح قنوات تفاعل المؤسسات الأكاديمية مع المحيط الاقتصادي والاجتماعي الذي يعج بالتحديات في الوقت الراهن. ويقدر صندوق النقد الدولي انخفاض إيرادات النفط الخليجية بنحو 300 مليار دولار عام 2015. ولا شك أن هذا الانخفاض يؤثر على حجم الإنفاق الحكومي بأشكاله كافة، لاسيما المشاريع الكبيرة ومشاريع البينة التحتية ومن ثم يؤدي لانخفاض معدلات النمو الاقتصادي.
كما ينعكس ذلك على انخفاض أعمال وأنشطة القطاع الخاص بما في ذلك تعرض الشركات الصغيرة للإفلاس والمقاولين لتأخر سداد مستحقاتهم، كذلك انخفاض العقار والأسهم وبروز ظاهرة التسريحات من العمل وزيادة معدلات البطالة.
وكما لاحظنا أيضا أثر ضغط النفقات على حياة المواطن الخليجي وخلق نوع من القلق والمخاوف، كما ارتفعت معدلات التضخم نتيجة رفع الدعم عن السلع. كما تولدت ضغوط على السيولة في الأسواق وخاصة البنوك المحلية مما يقلص من قدرتها على الإقراض، كما قد تزداد مشكلة الديون المصرفية المتعثرة. كما أن زيادة الاقتراض من الأسواق العالمية نتيجة العجز المالي يعرض الاقتصاد الوطني للمخاطر السيادية ويولد الضغوط على العملات المحلية ويؤدي إلى تخفيض التصنيفات الائتمانية، وهو ما لاحظناه مؤخرا أيضا. جميع هذه التأثيرات تدفع، وكما أشار المشاركون في الندوة، دول الخليج للبحث عن إستراتيجيات تنويع اقتصادي جديدة لاسيما من خلال تفعيل برامج التخصيص وتنمية دور القطاع الخاص وتعظيم القيمة المُضافة للطاقة، كذلك تنويع أنشطة الاقتصاد الأخرى مثل الخدمات، صناعات المعرفة والصناعات النظيفة، الصناعات التحويلية، المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال.
ما يلفت النظر هو انعقاد ندوة مماثلة وفي نفس التوقيت يوم أمس في الدوحة شارك فيها أيضا عدد من المتخصصين أبرزهم السيد بيونغ أل شوي من جامعة إهو بكوريا الجنوبية الذي حذر دول مجلس التعاون من استنساخ الإصلاحات الاقتصادية التي تم تطبيقها ببعض الدول الغربية، معتبرا أن عددا من هذه الإصلاحات لم يأت بنتائج إيجابية.  ودعا إلى أهمية الانتقال من النمو التقليدي المعتمد على قطاع النفط والغاز إلى النمو المعتمد على رفع أداء القطاع الخاص، حيث بين أن دولا عديدة استطاعت أن تحقق نجاحات عندما قامت بتطوير قطاعاتها غير النفطية قبل الأزمة الحالية واتخذت التدابير والإجراءات الخاصة بتنويع اقتصادياتها.
وعبر عن اعتقاده بأن تنويع قاعدة الاقتصاد يحتاج إلى قطاع خاص قادر وقوي وتقليل الاعتماد على دعم الدولة والاستثمار في رفع جودة التعليم ومهارات الأشخاص. وفي كل الأحوال، فإن خيارات تنويع مصادر الدخل الاقتصادي يجب أن تبدأ من حيث تقف الاقتصاديات الخليجية اليوم، أي يجب عدم طرح بدائل بحاجة لسنوات عديدة للوصول إليها، بل البناء على ما هو موجود وخاصة الصناعات التحويلية، ولكن بنفس الوقت ضرورة تطويرها لتركز أكثر على الصناعات المرتفعة القيمة المضافة والقليلة الاعتماد على الأيدي العاملة الرخيصة؛ لأن التنويع يجب أن يرافقه وأن يكون أحد ركائزه الأساسية توفير وظائف مجزية للموطنين تسهم في علاج مشكلة البطالة المنتشرة حاليا في صفوفه.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية